تَلْيِينُ الْقَوْل فِي هَذَا الْمَيْدَانِ مُدَاهَنَةً لاَ يَرْضَاهَا اللَّهُ تَعَالَى لأَِنَّ فِيهَا تَرْكَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ مِنَ الْجَهْرِ بِالدَّعْوَةِ.
وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْمُدَاهَنَةِ وَالتَّقِيَّةِ: أَنَّ التَّقِيَّةَ لاَ تَحِل إِلاَّ لِدَفْعِ الضَّرَرِ، أَمَّا الْمُدَاهَنَةُ فَلاَ تَحِل أَصْلاً، لأَِنَّهَا اللِّينُ فِي الدِّينِ وَهُوَ مَمْنُوعٌ شَرْعًا.
ج - النِّفَاقُ:
٤ - النِّفَاقُ هُوَ أَنْ يُظْهِرَ الإِْيمَانَ وَيَسْتُرَ الْكُفْرَ، وَقَدْ يُطْلَقُ النِّفَاقُ عَلَى الرِّيَاءِ، قَال صَاحِبُ اللِّسَانِ: لأَِنَّ كِلَيْهِمَا إِظْهَارُ غَيْرِ مَا فِي الْبَاطِنِ.
قَال ابْنُ تَيْمِيَّةَ: أَسَاسُ النِّفَاقِ الَّذِي بُنِيَ عَلَيْهِ هُوَ الْكَذِبُ، وَأَنْ يَقُول الرَّجُل بِلِسَانِهِ مَا لَيْسَ فِي قَلْبِهِ، كَمَا أَخْبَرَ اللَّهُ تَعَالَى عَنِ الْمُنَافِقِينَ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ بِأَلْسِنَتِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ (١) .
وَالصِّلَةُ بَيْنَ التَّقِيَّةِ وَبَيْنَ النِّفَاقِ، أَنَّ الْمُنَافِقَ كَافِرٌ فِي قَلْبِهِ لَكِنَّهُ يُظْهِرُ بِلِسَانِهِ وَظَاهِرُ حَالِهِ أَنَّهُ مُؤْمِنٌ وَيَعْمَل أَعْمَال الْمُؤْمِنِينَ لِيَأْمَنَ عَلَى نَفْسِهِ فِي الْمُجْتَمَعِ الإِْسْلاَمِيِّ وَلِيُحَصِّل الْمِيزَاتِ الَّتِي يُحَصِّلُهَا الْمُؤْمِنُ. فَهُوَ مُغَايِرٌ لِلتَّقِيَّةِ؛ لأَِنَّهَا إِظْهَارُ الْمُؤْمِنِ عِنْدَ الْخَوْفِ عَلَى نَفْسِهِ مَا يَأْمَنُ بِهِ مِنْ أَمَارَاتِ الْكُفْرِ أَوِ الْمَعْصِيَةِ مَعَ كَرَاهَتِهِ لِذَلِكَ فِي قَلْبِهِ، وَاطْمِئْنَانِهِ بِالإِْيمَانِ.
مَشْرُوعِيَّةُ الْعَمَل بِالتَّقِيَّةِ:
٥ - يَذْهَبُ جُمْهُورُ عُلَمَاءِ أَهْل السُّنَّةِ إِلَى أَنَّ
(١) منهاج السنة النبوية، القاهرة، مطبعة بولاق ١ / ١٥٩.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://www.shamela.app/page/contribute