لَيْسَ بِصَلاَةٍ حَقِيقِيَّةٍ، وَلِهَذَا لاَ يَجُوزُ التَّنَفُّل بِهِ فِي حَالَةِ الاِخْتِيَارِ، وَلَوْ كَانَ صَلاَةً لَجَازَ كَمَا لَوْ تَنَفَّل قَاعِدًا إِلاَّ أَنَّهُ أُقِيمَ مُقَامَ الصَّلاَةِ بِالشَّرْعِ، وَالشَّرْعُ وَرَدَ بِالإِْيمَاءِ بِالرَّأْسِ فَلاَ يُقَامُ غَيْرُهُ مُقَامَهُ.
وَقَال زُفَرُ: لَوْ عَجَزَ عَنِ الإِْيمَاءِ بِتَحْرِيكِ الرَّأْسِ يُومِئُ بِالْحَاجِبَيْنِ أَوَّلاً، فَإِنْ عَجَزَ فَبِالْعَيْنَيْنِ، فَإِنْ عَجَزَ فَبِقَلْبِهِ؛ لأَِنَّ الصَّلاَةَ فَرْضٌ دَائِمٌ لاَ يَسْقُطُ إِلاَّ بِالْعَجْزِ، فَمَا عَجَزَ عَنْهُ يَسْقُطُ وَمَا قَدَرَ عَلَيْهِ يَلْزَمُهُ بِقَدْرِهِ، فَإِذَا قَدَرَ بِالْحَاجِبَيْنِ كَانَ الإِْيمَاءُ بِهِمَا أَوْلَى لأَِنَّهُمَا أَقْرَبُ إِلَى الرَّأْسِ، فَإِنْ عَجَزَ يُومِئُ بِعَيْنَيْهِ لأَِنَّهُمَا مِنَ الأَْعْضَاءِ الظَّاهِرَةِ، وَجَمِيعُ الْبَدَنِ ذُو حَظٍّ مِنْ هَذِهِ الْعِبَادَةِ فَكَذَا الْعَيْنَانِ، فَإِنْ عَجَزَ فَبِالْقَلْبِ؛ لأَِنَّهُ فِي الْجُمْلَةِ ذُو حَظٍّ مِنْ هَذِهِ الْعِبَادَةِ وَهُوَ النِّيَّةُ، أَلاَ تَرَى أَنَّ النِّيَّةَ شَرْطُ صِحَّتِهَا، فَعِنْدَ الْعَجْزِ تَنْتَقِل إِلَيْهِ.
وَقَال الْحَسَنُ بْنُ زِيَادٍ: يُومِئُ بِعَيْنَيْهِ وَحَاجِبَيْهِ وَلاَ يُومِئُ بِقَلْبِهِ؛ لأَِنَّ أَرْكَانَ الصَّلاَةِ تُؤَدَّى بِالأَْعْضَاءِ الظَّاهِرَةِ، أَمَّا الْبَاطِنَةُ فَلاَ حَظَّ لَهَا مِنْ أَرْكَانِهَا بَل لَهَا حَظٌّ مِنَ الشَّرْطِ وَهُوَ النِّيَّةُ، وَهِيَ قَائِمَةٌ أَيْضًا عِنْدَ الإِْيمَاءِ فَلاَ يُؤَدَّى بِهِ الأَْرْكَانُ وَالشَّرْطُ جَمِيعًا (١) .
وَقَال الْمَازِرِيُّ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ: مُقْتَضَى الْمَذْهَبِ أَنَّهُ إِنْ لَمْ يَقْدِرْ إِلاَّ عَلَى النِّيَّةِ مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَى
(١) بدائع الصنائع ١ / ١٠٥ - ١٠٧
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://www.shamela.app/page/contribute