الإِْسْلاَمِيَّةُ مِنْ حِمَايَتِهِمْ وَالدَّفْعِ عَنْهُمْ حَتَّى مَضَى الْحَوْل، فَهَل يُطَالَبُونَ بِالْجِزْيَةِ أَمْ تَسْقُطُ عَنْهُمْ؟
صَرَّحَ الشَّافِعِيَّةُ بِأَنَّ الْجِزْيَةَ تَسْقُطُ عَنْ أَهْل الذِّمَّةِ إِذَا لَمْ تَتَمَكَّنِ الدَّوْلَةُ مِنْ حِمَايَةِ الذِّمِّيِّينَ لأَِنَّهُمْ بَذَلُوا الْجِزْيَةَ، لِحِفْظِهِمْ وَحِفْظِ أَمْوَالِهِمْ، فَإِنْ لَمْ تَدْفَعِ الدَّوْلَةُ عَنْهُمْ، لَمْ تَجِبِ الْجِزْيَةُ عَلَيْهِمْ؛ لأَِنَّ الْجِزْيَةَ لِلْحِفْظِ وَذَلِكَ لَمْ يُوجَدْ، فَلَمْ يَجِبْ مَا فِي مُقَابَلَتِهِ، كَمَا لاَ تَجِبُ الأُْجْرَةُ إِذَا لَمْ يُوجَدِ التَّمْكِينُ مِنَ الْمَنْفَعَةِ.
وَلَمْ نَجِدْ لِغَيْرِ الشَّافِعِيَّةِ تَصْرِيحًا بِالسُّقُوطِ إِذَا لَمْ تَحْصُل الْحِمَايَةُ مَعَ قَوْلِهِمْ بِوُجُوبِ الْحِمَايَةِ.
وَقَدْ ذَكَرَ أَبُو يُوسُفَ عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ الْجَرَّاحِ أَنَّهُ عِنْدَمَا أَعْلَمَهُ نُوَّابُهُ عَلَى مُدُنِ الشَّامِ بِتَجَمُّعِ الرُّومِ لِمُقَاتَلَةِ الْمُسْلِمِينَ كَتَبَ إِلَيْهِمْ أَنْ رُدُّوا الْجِزْيَةَ عَلَى مَنْ أَخَذْتُمُوهَا مِنْهُ، وَأَمَرَهُمْ أَنْ يَقُولُوا لَهُمْ: إِنَّمَا رَدَدْنَا عَلَيْكُمْ أَمْوَالَكُمْ، لأَِنَّهُ قَدْ بَلَغَنَا مَا جُمِعَ لَنَا مِنَ الْجُمُوعِ، وَأَنَّكُمِ اشْتَرَطْتُمْ عَلَيْنَا أَنْ نَمْنَعَكُمْ، وَإِنَّا لاَ نَقْدِرُ عَلَى ذَلِكَ، وَقَدْ رَدَدْنَا عَلَيْكُمْ مَا أَخَذْنَا مِنْكُمْ، وَنَحْنُ لَكُمْ عَلَى الشُّرُوطِ مَا كَتَبْنَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ إِنْ نَصَرَنَا اللَّهُ عَلَيْهِمْ (١) .
(١) البدائع ٩ / ٤٤٠٢، والقوانين الفقهية ص ١٧٦، والفروق للقرافي ٣ / ١٤ - ١٥، والمهذب للشيرازي ١٨ / ٢٥١، وبشرح المجموع الطبعة المصرية، مطالب أولي النهى ٢ / ٦٠٢، ٦٠٣، والكافي لابن قدامة ٣ / ٣٦٤.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://www.shamela.app/page/contribute