وَفَرَّقَ الْحَنَفِيَّةُ بَيْنَ التَّلَفِ الَّذِي يَنْشَأُ عَنْهُ نُقْصَانُ قَدْرٍ، وَالتَّلَفُ الَّذِي يَنْشَأُ عَنْهُ نُقْصَانُ وَصْفٍ. وَنُقْصَانُ الْوَصْفِ وَهُوَ كُل مَا يَدْخُل فِي الْبَيْعِ مِنْ غَيْرِ تَسْمِيَةٍ، كَالشَّجَرِ وَالْبِنَاءِ فِي الأَْرْضِ وَأَطْرَافِ الْحَيَوَانِ وَالْجَوْدَةِ فِي الْمَكِيل وَالْمَوْزُونِ، فَخَصُّوا الْحُكْمَ السَّابِقَ بِنُقْصَانِ الْوَصْفِ دُونَ نُقْصَانِ الْقَدْرِ، وَذَلِكَ لأَِنَّ الأَْوْصَافَ لاَ حِصَّةَ لَهَا مِنَ الثَّمَنِ إِلاَّ إِذَا وَرَدَ عَلَيْهَا الْقَبْضُ أَوِ الْجِنَايَةُ، لأَِنَّهَا تَصِيرُ مَقْصُودَةً بِالْقَبْضِ أَوِ الْجِنَايَةِ.
وَأَمَّا إِذَا كَانَ التَّلَفُ قَدْ نَشَأَ عَنْهُ نُقْصَانُ قَدْرٍ - بِأَنْ كَانَ مَكِيلاً أَوْ مَوْزُونًا أَوْ مَعْدُودًا - فَالْعَقْدُ يَنْفَسِخُ بِقَدْرِ الْهَالِكِ وَتَسْقُطُ حِصَّتُهُ مِنَ الثَّمَنِ، لأَِنَّ كُل قَدْرٍ مِنَ الْمُقَدَّرَاتِ مَعْقُودٌ عَلَيْهِ، فَيُقَابِلُهُ شَيْءٌ مِنَ الثَّمَنِ، وَهَلاَكُ كُل الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ يُوجِبُ انْفِسَاخَ الْبَيْعِ فِي الْكُل وَسُقُوطَ الثَّمَنِ.
فَهَلاَكُ بَعْضِهِ يُوجِبُ انْفِسَاخَ الْبَيْعِ وَسُقُوطَ الثَّمَنِ بِقَدْرِهِ، وَالْمُشْتَرِي بِالْخِيَارِ فِي الْبَاقِي، إِنْ شَاءَ أَخَذَهُ بِحِصَّتِهِ مِنَ الثَّمَنِ، وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ لأَِنَّ الصَّفْقَةَ قَدْ تَفَرَّقَتْ عَلَيْهِ.
وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ إِلَى أَنَّهُ إِنْ كَانَ الْبَاقِي بَعْدَ التَّلَفِ النِّصْفُ فَأَكْثَرُ لَزِمَ الْمُشْتَرِيَ الْبَاقِي بِحِصَّتِهِ مِنَ الثَّمَنِ وَيَرْجِعُ بِحِصَّةِ مَا تَلِفَ، وَذَلِكَ لأَِنَّ بَقَاءَ النِّصْفِ كَبَقَاءِ الْجُل (الأَْكْثَرِ) فَيَلْزَمُهُ، وَهَذَا فِي الْمَبِيعِ الْمُتَعَدِّدِ.
فَإِنْ كَانَ الْمَبِيعُ مُتَّحِدًا (١) كَفَرَسٍ مَثَلاً وَبَقِيَ
(١) أي لا يقبل التجزئة.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://www.shamela.app/page/contribute