للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَلأَِنَّ الْقُرْبَةَ مَتَى حَصَلَتْ وَقَعَتْ عَنِ الْعَامِل، وَلِهَذَا تُعْتَبَرُ أَهْلِيَّتُهُ، فَلاَ يَجُوزُ أَخْذُ الأَْجْرِ عَنْ غَيْرِهِ كَمَا فِي الصَّوْمِ وَالصَّلاَةِ.

هَذَا مَذْهَبُ الْحَنَفِيَّةِ، وَهُوَ رِوَايَةٌ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ (١) .

وَيَصِحُّ مَعَ الْكَرَاهَةِ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ. جَاءَ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ: تُكْرَهُ إِجَارَةُ الإِِْنْسَانِ نَفْسَهُ فِي عَمَلٍ لِلَّهِ تَعَالَى، حَجًّا أَوْ غَيْرَهُ، كَقِرَاءَةٍ وَإِِمَامَةٍ وَتَعْلِيمِ عِلْمٍ، وَصِحَّتُهُ مَعَ الْكَرَاهَةِ. كَمَا تُكْرَهُ الإِِْجَارَةُ عَلَى الأَْذَانِ، قَال مَالِكٌ: لأََنْ يُؤَاجِرَ الرَّجُل نَفْسَهُ فِي عَمَل اللَّبِنِ وَقَطْعِ الْحَطَبِ وَسَوْقِ الإِِْبِل أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ يَعْمَل عَمَلاً لِلَّهِ بِأُجْرَةٍ.

وَقَال الشَّافِعِيَّةُ، كَمَا فِي نِهَايَةِ الْمُحْتَاجِ: لاَ تَصِحُّ إِجَارَةُ مُسْلِمٍ لِجِهَادٍ وَلاَ لِعِبَادَةٍ يَجِبُ لَهَا نِيَّةٌ، وَأَلْحَقُوا بِذَلِكَ الإِِْمَامَةَ وَلَوْ لِنَفْلٍ؛ لأَِنَّهُ حَصَل لِنَفْسِهِ. أَمَّا مَا لاَ تَجِبُ لَهُ نِيَّةٌ كَالأَْذَانِ فَيَصِحُّ الاِسْتِئْجَارُ عَلَيْهِ، وَاسْتُثْنِيَ مِمَّا فِيهِ نِيَّةٌ: الْحَجُّ وَالْعُمْرَةُ، فَيَجُوزُ الاِسْتِئْجَارُ لَهُمَا أَوْ لأَِحَدِهِمَا عَنْ عَاجِزٍ أَوْ مَيِّتٍ، وَتَقَعُ صَلاَةُ رَكْعَتَيِ الطَّوَافِ تَبَعًا لَهُمَا، وَتَجُوزُ الإِِْجَارَةُ عَنْ تَفْرِقَةِ زَكَاةٍ وَكَفَّارَةٍ وَأُضْحِيَّةٍ وَهَدْيٍ وَذَبْحٍ وَصَوْمٍ عَنْ مَيِّتٍ وَسَائِرِ مَا يَقْبَل النِّيَابَةَ وَإِِنْ تَوَقَّفَ عَلَى النِّيَّةِ، لِمَا فِيهَا مِنْ شَائِبَةِ الْمَال. وَتَصِحُّ الإِِْجَارَةُ لِكُل مَا لاَ تَجِبُ لَهُ


(١) البدائع ٤ / ١٩٢، والهداية ٣ / ٢٤٠، والمغني ٣ / ٢٣١ و ٥ / ٥٥٥ - ٥٥٩، والاختيارات الفقهية ص ٥٥.