للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أَنَّهُ قَال: مَنْ مَاتَ عَنْ حَقٍّ فَلِوَرَثَتِهِ (١) وَهَذَا اللَّفْظُ لَيْسَ عَلَى عُمُومِهِ، بَل مِنَ الْحُقُوقِ مَا يُنْقَل إِلَى الْوَارِثِ، وَمِنْهَا مَا لاَ يَنْتَقِل. فَمِنْ حَقِّ الإِْنْسَانِ أَنْ يُلاَعِنَ عِنْدَ سَبَبِ اللِّعَانِ، وَأَنْ يَفِيءَ بَعْدَ الإِْيلاَءِ، وَأَنْ يَعُودَ بَعْدَ الظِّهَارِ، وَأَنْ يَخْتَارَ مِنْ نِسْوَةٍ إِذَا أَسْلَمَ عَلَيْهِنَّ وَهُنَّ أَكْثَرُ مِنْ أَرْبَعٍ، وَأَنْ يَخْتَارَ إِحْدَى الأُْخْتَيْنِ إِذَا أَسْلَمَ عَلَيْهِمَا، وَإِذَا جَعَل الْمُتَبَايِعَانِ الْخِيَارَ لأَِجْنَبِيٍّ عَنِ الْعَقْدِ فَمِنْ حَقِّهِ أَنْ يَمْلِكَ إِمْضَاءَ الْبَيْعِ عَلَيْهِمَا أَوْ فَسْخَهُ، وَمِنْ حَقِّهِ مَا فُوِّضَ إِلَيْهِ مِنَ الْوِلاَيَاتِ وَالْمَنَاصِبِ كَالْقِصَاصِ وَالإِْمَامَةِ وَالْخَطَابَةِ وَغَيْرِهِمَا، وَكَالأَْمَانَةِ وَالْوَكَالَةِ. فَجَمِيعُ هَذِهِ الْحُقُوقِ لاَ يَنْتَقِل لِلْوَارِثِ مِنْهَا شَيْءٌ وَإِنْ كَانَتْ ثَابِتَةً لِلْمُوَرِّثِ. وَالضَّابِطُ: أَنَّهُ يَنْتَقِل إِلَيْهِ كُل مَا كَانَ مُتَعَلِّقًا بِالْمَال، أَوْ يَدْفَعُ ضَرَرًا عَنِ الْوَارِثِ فِي عِرْضِهِ بِتَخْفِيفِ أَلَمِهِ. أَمَّا مَا كَانَ مُتَعَلِّقًا بِنَفْسِ الْمُوَرِّثِ وَعَقْلِهِ وَشَهَوَاتِهِ فَلاَ يَنْتَقِل لِلْوَارِثِ.

وَالسِّرُّ فِي الْفَرْقِ: أَنَّ الْوَرَثَةَ يَرِثُونَ الْمَال، فَيَرِثُونَ مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ تَبَعًا لَهُ، وَلاَ يَرِثُونَ عَقْلَهُ وَلاَ شَهْوَتَهُ وَلاَ نَفْسَهُ، فَلاَ يَرِثُونَ مَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ، وَمَا لاَ يُورَثُ لاَ يَرِثُونَ مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ، فَاللِّعَانُ يَرْجِعُ إِلَى أَمْرٍ يَعْتَقِدُهُ لاَ يُشَارِكُهُ فِيهِ غَيْرُهُ غَالِبًا، وَالاِعْتِقَادَاتُ لَيْسَتْ مِنْ بَابِ الْمَال، وَالْفَيْئَةُ شَهْوَتُهُ، وَالْعَوْدُ إِرَادَتُهُ، وَاخْتِيَارُ الأُْخْتَيْنِ وَالنِّسْوَةِ


(١) حديث: " من مات وترك مالا فماله لموالي العصبة. . . " أخرجه البخاري (١٢ / ٢٧ - الفتح - ط السلفية) من حديث أبي هريرة.