وَذَكَرَ الْمَالِكِيَّةُ أَنَّ الْجِنَايَةَ عَلَى الطَّرَفِ تَنْدَرِجُ فِي الْجِنَايَةِ عَلَى النَّفْسِ، أَيْ فِي الْقِصَاصِ، إِنْ تَعَمَّدَهَا الْجَانِي، سَوَاءٌ أَكَانَ الطَّرَفُ لِلْمَقْتُول أَمْ لِغَيْرِهِ بِأَنْ قَطَعَ يَدَ شَخْصٍ عَمْدًا، وَفَقَأَ عَيْنَ آخَرَ عَمْدًا، فَيُقْتَل فَقَطْ وَلاَ يُقْطَعُ شَيْءٌ مِنْ أَطْرَافِهِ وَلاَ تُفْقَأُ عَيْنُهُ، إِنْ لَمْ يَقْصِدِ الْجَانِي بِجِنَايَتِهِ عَلَى الطَّرَفِ مُثْلَةً - أَيْ تَمْثِيلاً وَتَشْوِيهًا - فَإِنْ قَصَدَهَا فَلاَ يَنْدَرِجُ الطَّرَفُ فِي الْقَتْل، فَيُقْتَصُّ مِنَ الطَّرَفِ، ثُمَّ يُقْتَل.
أَمَّا إِذَا لَمْ يَتَعَمَّدِ الْجَانِي الْجِنَايَةَ عَلَى الطَّرَفِ، فَإِنَّهَا لاَ تَنْدَرِجُ فِي الْجِنَايَةِ عَلَى النَّفْسِ، كَمَا لَوْ قَطَعَ يَدَ شَخْصٍ خَطَأً، ثُمَّ قَتَلَهُ عَمْدًا عُدْوَانًا، فَإِنَّهُ يُقْتَل بِهِ، وَدِيَةُ الْيَدِ عَلَى عَاقِلَتِهِ. (١)
وَذَكَرَ الشَّافِعِيَّةُ أَنَّ الْجِنَايَةَ عَلَى النَّفْسِ وَالأَْطْرَافِ إِذَا اتَّفَقَتَا فِي الْعَمْدِ أَوِ الْخَطَأِ، وَكَانَتِ الْجِنَايَةُ عَلَى النَّفْسِ بَعْدَ انْدِمَال الْجِنَايَةِ عَلَى الطَّرَفِ وَجَبَتْ دِيَةُ الطَّرَفِ بِلاَ خِلاَفٍ. أَمَّا إِذَا كَانَتِ الْجِنَايَةُ عَلَى النَّفْسِ قَبْل انْدِمَال الْجِنَايَةِ عَلَى الطَّرَفِ فَوَجْهَانِ، أَصَحُّهُمَا: دُخُول الْجِنَايَةِ عَلَى الطَّرَفِ فِي الْجِنَايَةِ عَلَى النَّفْسِ، بِحَيْثُ لاَ يَجِبُ إِلاَّ مَا يَجِبُ فِي النَّفْسِ كَالسِّرَايَةِ.
وَثَانِيهِمَا: عَدَمُ التَّدَاخُل بَيْنَ الْجِنَايَتَيْنِ، خَرَّجَهُ ابْنُ سُرَيْجٍ، وَبِهِ قَال الإِْصْطَخْرِيُّ، وَاخْتَارَهُ إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ.
(١) جواهر الإكليل ٢ / ٢٦٥ ط دار المعرفة
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://www.shamela.app/page/contribute