الإِْجَارَةَ غَرَرًا؛ لأَِنَّهُ قَدْ يَفْرُغُ مِنَ الْعَمَل قَبْل انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ. فَإِنِ اسْتُعْمِل فِي بَقِيَّةِ الْمُدَّةِ فَقَدْ زَادَ عَلَى مَا وَقَعَ عَلَيْهِ الْعَقْدُ، وَإِنْ لَمْ يَعْمَل كَانَ تَارِكًا لِلْعَمَل فِي بَعْضِ الْمُدَّةِ، وَقَدْ لاَ يَفْرُغُ مِنَ الْعَمَل فِي الْمُدَّةِ، فَإِنْ أَتَمَّهُ عَمِل فِي غَيْرِ الْمُدَّةِ، وَإِنْ لَمْ يَعْمَلْهُ لَمْ يَأْتِ بِمَا وَقَعَ عَلَيْهِ الْعَقْدُ، وَهَذَا غَرَرٌ، أَمْكَنَ التَّحَرُّزُ عَنْهُ، وَلَمْ يُوجَدْ مِثْلُهُ فِي مَحَل الْوِفَاقِ، فَلَمْ يَجُزِ الْعَقْدُ مَعَهُ.
وَيَرَى أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ، وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنِ الإِْمَامِ أَحْمَدَ أَنَّهُ تَجُوزُ الإِْجَارَةُ هُنَا؛ لأَِنَّ الإِْجَارَةَ مَعْقُودَةٌ عَلَى الْعَمَل، وَالْمُدَّةُ مَذْكُورَةٌ لِلتَّعْجِيل فَلاَ يَمْتَنِعُ ذَلِكَ. فَعَلَى هَذَا إِذَا فَرَغَ مِنَ الْعَمَل قَبْل انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ آخَرُ، كَمَا لَوْ قَضَى الدَّيْنَ قَبْل أَجَلِهِ، وَإِنْ مَضَتِ الْمُدَّةُ قَبْل الْعَمَل فَلِلْمُسْتَأْجِرِ فَسْخُ الإِْجَارَةِ؛ لأَِنَّ الأَْجِيرَ لَمْ يَفِ لَهُ بِشَرْطِهِ، وَإِنْ رَضِيَ بِالْبَقَاءِ عَلَيْهِ لَمْ يَمْلِكِ الأَْجِيرُ الْفَسْخَ؛ لأَِنَّ الإِْخْلاَل بِالشَّرْطِ مِنْهُ، فَلاَ يَكُونُ ذَلِكَ وَسِيلَةً إِلَى الْفَسْخِ، كَمَا لَوْ تَعَذَّرَ أَدَاءُ الْمُسْلَمِ فِيهِ فِي وَقْتِهِ فَيَمْلِكُ الْمُسْلَمُ إِلَيْهِ الْفَسْخَ. وَيَمْلِكُهُ الْمُسْلِمُ، فَإِنِ اخْتَارَ إِمْضَاءَ الْعَقْدِ طَالَبَهُ بِالْعَمَل لاَ غَيْرَ، كَالْمُسْلِمِ إِذَا صَبَرَ عِنْدَ تَعَذُّرِ الْمُسْلَمِ فِيهِ إِلَى حِينِ وُجُودِهِ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَكْثَرُ مِنَ الْمُسْلَمِ فِيهِ، وَإِنْ فَسَخَ الْعَقْدَ قَبْل عَمَل شَيْءٍ مِنَ الْعَمَل سَقَطَ الأَْجْرُ وَالْعَمَل، وَإِنْ كَانَ بَعْدَ عَمَل شَيْءٍ مِنْهُ فَلَهُ أَجْرُ مِثْلِهِ؛ لأَِنَّ الْعَقْدَ قَدِ انْفَسَخَ فَسَقَطَ الْمُسَمَّى، وَرَجَعَ إِلَى أَجَل الْمِثْل (١) .
(١) المغني المطبوع مع الشرح الكبير ٦ / ٩
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://www.shamela.app/page/contribute