الْوُقُوفِ، وَلَكِنْ رَجَعَ فَوَقَفَ بِعَرَفَاتٍ قَبْل الْفَجْرِ مِنْ لَيْلَةِ يَوْمِ النَّحْرِ، وَأَتَمَّ الْمَنَاسِكَ كُلَّهَا، فَهَل تُجْزِئُهُ ذَلِكَ عَنْ حَجَّةِ الإِْسْلاَمِ؟
مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ: أَنَّ ذَلِكَ يُجْزِئُهُ عَنْ حَجَّةِ الإِْسْلاَمِ، وَلاَ دَمَ عَلَيْهِ، وَلاَ يُجَدِّدُ لِحَجَّتِهِ تِلْكَ إِحْرَامًا، لِمَا وَرَدَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَال: إِذَا عَتَقَ الْعَبْدُ بِعَرَفَةَ أَجْزَأَتْ عَنْهُ حَجَّتُهُ، فَإِنْ عَتَقَ بِجَمْعٍ - يَعْنِي الْمُزْدَلِفَةَ - لَمْ تُجْزِئْ عَنْهُ وَقِيَاسًا عَلَى مَا لَوْ أَحْرَمَ غَيْرُهُ مِنَ الْبَالِغِينَ الأَْحْرَارِ بِعَرَفَةَ، فَإِنَّ ذَلِكَ يُجْزِئُهُ عَنْ حَجَّةِ الإِْسْلاَمِ إِذَا أَتَمَّ مَنَاسِكَهُ، فَكَذَلِكَ مَنْ بَلَغَ بِعَرَفَةَ.
وَمَذْهَبُ الْحَنَفِيَّةِ أَنَّ ذَلِكَ يُجْزِئُهُ بِشَرْطِ أَنْ يُجَدِّدَ إِحْرَامًا بَعْدَ بُلُوغِهِ قَبْل الْوُقُوفِ، فَإِنْ لَمْ يُجَدِّدْ إِحْرَامًا لَمْ يُجْزِئْهُ؛ لأَِنَّ إِحْرَامَهُ انْعَقَدَ نَفْلاً، فَلاَ يَنْقَلِبُ فَرْضًا. قَالُوا: وَالإِْحْرَامُ وَإِنْ كَانَ شَرْطًا لِلْحَجِّ إِلاَّ أَنَّهُ شَبِيهٌ بِالرُّكْنِ، فَاعْتَبَرْنَا شَبَهَ الرُّكْنِ احْتِيَاطًا لِلْعِبَادَةِ.
وَفِي رِوَايَةٍ عَنِ الشَّافِعِيِّ - كَمَا فِي مُخْتَصَرِ الْمُزَنِيِّ - أَنَّ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ دَمًا، أَيْ لأَِنَّهُ كَمَنْ جَاوَزَ الْمِيقَاتَ غَيْرَ مُحْرِمٍ.
وَمَذْهَبُ مَالِكٍ أَنَّ ذَلِكَ لاَ يُجْزِئُهُ عَنْ حَجَّةِ الإِْسْلاَمِ أَصْلاً. وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُجَدِّدَ إِحْرَامَهُ بَعْدَ بُلُوغِهِ. وَلَكِنْ عَلَيْهِ أَنْ يَمْضِيَ عَلَى إِحْرَامِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://www.shamela.app/page/contribute