الْمُخَالَفَةِ لَمْ يَعْتَبِرْهُ، وَلَمْ يُرَتِّبْ عَلَيْهِ أَيَّ أَثَرٍ مِنَ الآْثَارِ الَّتِي تَتَرَتَّبُ عَلَى الْفِعْل الصَّحِيحِ.
فَالْجُمْهُورُ يُطْلِقُونَهُمَا، وَيُرِيدُونَ بِهِمَا مَعْنًى وَاحِدًا، وَهُوَ: وُقُوعُ الْفِعْل عَلَى خِلاَفِ مَا طَلَبَهُ الشَّارِعُ، سَوَاءٌ أَكَانَ هَذَا الْخِلاَفُ رَاجِعًا إِلَى فَوَاتِ رُكْنٍ مِنْ أَرْكَانِ الْفِعْل، أَمْ رَاجِعًا إِلَى فَوَاتِ شَرْطٍ مِنْ شُرُوطِهِ. (١)
أَمَّا الْحَنَفِيَّةُ فَإِنَّهُمْ - عَلَى الْمَشْهُورِ عِنْدَهُمْ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ - يُوَافِقُونَ الْجُمْهُورَ فِي أَنَّ الْبُطْلاَنَ وَالْفَسَادَ مُتَرَادِفَانِ بِالنِّسْبَةِ لِلْعِبَادَاتِ. أَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِلْمُعَامَلاَتِ، فَإِنَّهُمْ يُخَالِفُونَ الْجُمْهُورَ، فَيُفَرِّقُونَ بَيْنَهُمَا، وَيَجْعَلُونَ لِلْفَسَادِ مَعْنًى يُخَالِفُ مَعْنَى الْبُطْلاَنِ، وَيَقُومُ هَذَا التَّفْرِيقُ عَلَى أَسَاسِ التَّمْيِيزِ بَيْنَ أَصْل الْعَقْدِ وَوَصْفِهِ.
فَأَصْل الْعَقْدِ هُوَ أَرْكَانُهُ وَشَرَائِطُ انْعِقَادِهِ، مِنْ أَهْلِيَّةِ الْعَاقِدِ وَمَحَلِّيَّةِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ وَغَيْرِهِمَا، كَالإِْيجَابِ وَالْقَبُول. . . وَهَكَذَا.
أَمَّا وَصْفُ الْعَقْدِ، فَهِيَ شُرُوطُ الصِّحَّةِ، وَهِيَ الْعَنَاصِرُ الْمُكَمِّلَةُ لِلْعَقْدِ، كَخُلُوِّهِ عَنِ الرِّبَا، وَعَنْ شَرْطٍ مِنَ الشُّرُوطِ الْفَاسِدَةِ، وَعَنِ الْغَرَرِ وَالضَّرَرِ. وَعَلَى هَذَا الأَْسَاسِ يَقُول الْحَنَفِيَّةُ: إِذَا حَصَل خَلَلٌ فِي أَصْل الْعَقْدِ - بِأَنْ تَخَلَّفَ رُكْنٌ مِنْ أَرْكَانِهِ، أَوْ شَرْطٌ مِنْ شُرُوطِ انْعِقَادِهِ - كَانَ الْعَقْدُ
(١) حاشية الدسوقي ٣ / ٥٤، ونهاية المحتاج ٣ / ٤٢٩، وشرح منتهى الإرادات ٢ / ٤٢٢.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://www.shamela.app/page/contribute