مِنْ حَيْثُ إِنَّهُ مَنَعَ حَقَّ غَيْرِهِ، وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ خِلاَفُ الْمَشْهُورِ. ثُمَّ إِنَّ الْقَائِلِينَ بِأَنَّهَا عَلَى نِيَّةِ الْمُسْتَحْلِفِ اخْتَلَفُوا فِي كَوْنِهَا عَلَى نِيَّةِ الْمَحْلُوفِ لَهُ عِنْدَ عَدَمِ اسْتِحْلاَفِهِ، فَذَهَبَ خَلِيلٌ إِلَى أَنَّهَا لاَ تَكُونُ عَلَى نِيَّتِهِ، وَذَهَبَ الصَّاوِيُّ فِي حَاشِيَتِهِ عَلَى الشَّرْحِ الصَّغِيرِ إِلَى أَنَّهَا تَكُونُ عَلَى نِيَّتِهِ، وَسَبَقَ فِي شَرَائِطِ صِحَّةِ الاِسْتِثْنَاءِ بَيَانٌ مُوَضَّحٌ تَكُونُ فِيهِ الْيَمِينُ عَلَى نِيَّةِ الْمُسْتَحْلِفِ أَوِ الْمَحْلُوفِ لَهُ عِنْدَهُمْ.
١٥٦ - مَذْهَبُ الشَّافِعِيَّةِ: الْيَمِينُ تَكُونُ عَلَى نِيَّةِ الْمُسْتَحْلِفِ بِشَرَائِطَ:
الشَّرِيطَةُ الأُْولَى: أَنْ يَكُونَ الْمُسْتَحْلِفُ مِمَّنْ يَصِحُّ أَدَاءُ الشَّهَادَةِ عِنْدَهُ كَالْقَاضِي وَالْمُحَكِّمِ وَالإِْمَامِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ كَانَتْ عَلَى نِيَّةِ الْحَالِفِ، وَأَلْحَقَ ابْنُ عَبْدِ السَّلاَمِ الْخَصْمَ بِالْقَاضِي، عَمَلاً بِحَدِيثِ: يَمِينُكَ عَلَى مَا يُصَدِّقُكَ عَلَيْهِ صَاحِبُكَ (١) أَيْ خَصْمُكَ.
الشَّرِيطَةُ الثَّانِيَةُ: أَنْ يَسْتَحْلِفَهُ الْقَاضِي وَنَحْوُهُ بِطَلَبٍ مِنَ الْخَصْمِ، فَإِنِ اسْتَحْلَفَهُ بِلاَ طَلَبٍ مِنْهُ كَانَتِ الْيَمِينُ عَلَى نِيَّةِ الْحَالِفِ.
الشَّرِيطَةُ الثَّالِثَةُ: أَلاَّ يَكُونَ الْحَالِفُ مُحِقًّا فِيمَا نَوَاهُ عَلَى خِلاَفِ نِيَّةِ الْمُسْتَحْلِفِ، فَإِنِ ادَّعَى زَيْدٌ أَنَّ عَمْرًا أَخَذَ مِنْ مَالِهِ كَذَا بِغَيْرِ إِذْنِهِ وَسَأَل رَدَّهُ، وَكَانَ عُمَرُ وَقَدْ أَخَذَهُ مِنْ دَيْنٍ لَهُ عَلَيْهِ، فَأَجَابَ بِنَفْيِ الاِسْتِحْقَاقِ، فَقَال زَيْدٌ لِلْقَاضِي: حَلِّفْهُ أَنَّهُ لَمْ يَأْخُذْ مِنْ مَالِي شَيْئًا بِغَيْرِ إِذْنِي. وَكَانَ الْقَاضِي يَرَى إِجَابَتَهُ لِذَلِكَ، فَيَجُوزُ لِعَمْرٍو أَنْ يَحْلِفَ أَنَّهُ لَمْ يَأْخُذْ شَيْئًا مِنْ
(١) حديث: " يمينك. . . " تقدم تخريجه (ر: ف ١٥٣) .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://www.shamela.app/page/contribute