مَعْنَاهُ الإِْيجَابُ؛ وَلأَِنَّ الشَّهَادَةَ وَرَدَتْ فِي قَوْله تَعَالَى: {إِذَا جَاءَك الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّك لَرَسُول اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّك لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّوا عَنْ سَبِيل اللَّهِ إِنَّهُمْ سَاءَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} (١) فَالآْيَةُ الثَّانِيَةُ أَفَادَتْ أَنَّ شَهَادَتَهُمْ يَمِينٌ.
وَيُؤْخَذُ مِنْ هَذَا أَنَّ الشَّهَادَةَ وَالْعَزْمَ مِنْ مُرَادِفَاتِ الْيَمِينِ عُرْفًا، وَأَفَادَ أَيْضًا أَنَّ الذِّمَّةَ كَالْعَهْدِ وَالْمِيثَاقِ، فَمَنْ قَال: عَلَيَّ ذِمَّةُ اللَّهِ لأََفْعَلَنَّ كَانَ يَمِينًا.
١١ - وَأَفَادَ ابْنُ عَابِدِينَ أَنَّهُ لَوْ نَذَرَ الإِْنْسَانُ صَوْمًا، كَأَنْ قَال: لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَصُومَ، فَإِنْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا، أَوْ نَوَى النَّذْرَ وَلَمْ يَخْطِرِ الْيَمِينُ بِبَالِهِ، أَوْ نَوَى النَّذْرَ وَنَفَى الْيَمِينَ كَانَ نَذْرًا فَقَطْ. وَإِنْ نَوَى الْيَمِينَ وَنَفَى النَّذْرَ كَانَ يَمِينًا فَقَطْ. وَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ إِنْ أَفْطَرَ. وَإِنْ نَوَاهُمَا مَعًا، أَوْ نَوَى الْيَمِينَ وَلَمْ يَخْطِرْ بِبَالِهِ النَّذْرُ كَانَ نَذْرًا وَيَمِينًا، حَتَّى لَوْ أَفْطَرَ قَضَى وَكَفَّرَ عَنْ يَمِينِهِ.
وَيُؤْخَذُ مِنْ هَذَا أَنَّ صِيغَةَ النَّذْرِ تَكُونُ يَمِينًا بِالنِّيَّةِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ، فَتَكُونُ مِنْ قَبِيل الْكِنَايَةِ، بِخِلاَفِ الأَْلْفَاظِ السَّابِقَةِ، فَظَاهِرُ كَلاَمِهِمْ أَنَّهَا صَرِيحَةٌ عِنْدَهُمْ، وَإِنْ كَانَ بَعْضُهَا كِنَايَةً عِنْدَ غَيْرِهِمْ كَمَا سَيَأْتِي. وَسَيَأْتِي الْخِلاَفُ فِي النَّذْرِ الْمُبْهَمِ مِثْل عَلَيَّ نَذْرٌ. وَسَيَأْتِي أَيْضًا أَنَّ الْكَفَالَةَ وَالأَْمَانَةَ الْمُضَافَيْنِ لِلَّهِ كَالْعَهْدِ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ، فَقَدْ قَالُوا: مَنْ قَال: عَلَيَّ عَهْدُ اللَّهِ، أَوْ مِيثَاقُهُ، أَوْ ذِمَّتُهُ، أَوْ كَفَالَتُهُ، أَوْ أَمَانَتُهُ لأََفْعَلَنَّ كَذَا، أَوْ لاَ أَفْعَل كَذَا، كَانَ قَوْلُهُ ذَلِكَ يَمِينًا بِالنِّيَّةِ.
١٢ - هَذَا مَا فِي كُتُبِ الْفِقْهِ، وَقَدْ يَجِدُ الْبَاحِثُ فِي
(١) سورة المنافقون ١ - ٢.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://www.shamela.app/page/contribute