(٣) عَزْل الْوَصِيِّ نَفْسَهُ، فَلَوْ عَزَل الْوَصِيُّ نَفْسَهُ بَعْدِ مَوْتِ الْمُوصِي وَقَبُول الإِْيصَاءِ، انْتَهَتْ وِصَايَتُهُ، وَهَذَا عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ.
أَمَّا عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ، وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنِ الإِْمَامِ أَحْمَدَ، فَإِنَّ الْوَصِيَّ لَيْسَ لَهُ عَزْل نَفْسِهِ عَنِ الإِْيصَاءِ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي وَقَبُولِهِ إِيَّاهُ إِلاَّ لِعُذْرٍ، وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلاَمُ عَنْ ذَلِكَ فِي حُكْمِ الإِْيصَاءِ.
(٤) انْتِهَاءُ الْعَمَل الَّذِي عُهِدَ إِلَى الْوَصِيِّ الْقِيَامُ بِهِ، فَإِنْ كَانَ هَذَا الْعَمَل هُوَ قَضَاءُ الدُّيُونِ الَّتِي عَلَى الْمَيِّتِ، أَوِ اقْتِضَاءُ دُيُونِهِ الَّتِي لَهُ عَلَى غَيْرِهِ، أَوْ تَوْزِيعُ وَصَايَاهُ عَلَى الْمُوصَى لَهُمْ بِهَا، انْتَهَتِ الْوِصَايَةُ بِدَفْعِ الدُّيُونِ إِلَى أَصْحَابِهَا، أَوْ بِأَخْذِهَا مِمَّنْ كَانَتْ عَلَيْهِمْ، أَوْ بِإِعْطَاءِ الْوَصَايَا لِمَنْ أَوْصَى لَهُمْ بِهَا. وَإِنْ كَانَ هَذَا الْعَمَل هُوَ النَّظَرُ فِي شُئُونِ الأَْوْلاَدِ الصِّغَارِ وَأَمْوَالِهِمُ، انْتَهَتْ هَذِهِ الْوِصَايَةُ بِبُلُوغِ الصَّغِيرِ عَاقِلاً رَشِيدًا، بِحَيْثُ يُؤْتَمَنُ فِي إِدَارَةِ أَمْوَالِهِ، وَالتَّصَرُّفِ فِيهَا، وَلَمْ يُحَدِّدْ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ لِهَذَا الرُّشْدِ سِنًّا مُعَيَّنَةً يُحْكَمُ بِزَوَال الْوِصَايَةِ عَنِ الْقَاصِرِ مَتَى بَلَغَهَا، بَل هُوَ مَوْكُولٌ إِلَى ظُهُورِهِ بِالْفِعْل، وَذَلِكَ عَنْ طَرِيقِ الاِخْتِبَارِ وَالتَّجْرِبَةِ، فَإِذَا دَلَّتِ التَّجْرِبَةُ عَلَى تَحَقُّقِ الرُّشْدِ حُكِمَ بِرُشْدِهِ، وَسُلِّمَتْ إِلَيْهِ أَمْوَالُهُ بِاتِّفَاقِ الْفُقَهَاءِ لِقَوْل اللَّهِ تَعَالَى: {وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ} (١) .
وَإِذَا بَلَغَ غَيْرَ رَشِيدٍ وَكَانَ عَاقِلاً لاَ تَكْمُل أَهْلِيَّتُهُ، وَلاَ تَرْتَفِعُ الْوِلاَيَةُ أَوِ الْوِصَايَةُ عَنْهُ فِي مَالِهِ،
(١) سورة النساء / ٦.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://www.shamela.app/page/contribute