الْخَصْمِ هُوَ حَقُّ الْقَاضِي، فَلاَ يَمْلِكُ الْخَصْمُ إِجْبَارَ خَصْمِهِ عَلَى حُضُورِ مَجْلِسِ الْقَضَاءِ لِسَمَاعِ الْخُصُومَةِ مِنْ غَيْرِ أَمْرِ الْقَاضِي. لَكِنَّهُمْ قَالُوا: إِذَا طَلَبُ الْخَصْمُ مِنَ الْقَاضِي إِحْضَارَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَجَابَهُ إِلَى ذَلِكَ فِي حَالاَتٍ، وَفِي كُل مَذْهَبٍ تَفْصِيلٌ (١) يُنْظَرُ فِي مَوَاطِنِهِ مِنْ كِتَابِ الدَّعْوَى وَالْقَضَاءِ.
٢٧ - وَيُلْحَظُ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ الْفُقَهَاءُ فِيمَنْ لَهُ حَقُّ الإِْعْذَارِ، وَفِي وَسِيلَتِهِ، وَجَزَاءُ الْمُمْتَنِعِ، الْقَصْدُ مِنْهُ إِعْلاَمُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِمَا ادُّعِيَ بِهِ عَلَيْهِ، وَقَطْعُ عُذْرِهِ لِئَلاَّ يَقُول بَعْدَ الْحُكْمِ عَلَيْهِ: إِنَّهُ لَمْ يَكُنْ يَعْلَمُ بِأَنَّ الأَْمْرَ سَيُؤَدِّي إِلَى مَا أَدَّى إِلَيْهِ مِنْ تَطْلِيقِ زَوْجَتِهِ، أَوْ إِلْزَامِهِ بِمَا ادُّعِيَ عَلَيْهِ مِنْ دَيْنٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ.
أَمَّا الْوَسَائِل الَّتِي ذَكَرَهَا الْفُقَهَاءُ لِلإِْعْذَارِ، وَكَيْفِيَّةُ ذَلِكَ فَإِنَّهَا تَتَّفِقُ وَمَا عُهِدَ فِي أَيَّامِهِمْ مِنْ إِجْرَاءَاتٍ، فَلَيْسَتْ مَبْنِيَّةً عَلَى نُصُوصٍ شَرْعِيَّةٍ وَاجِبَةِ الاِتِّبَاعِ، بَل هِيَ بِاجْتِهَادِهِمْ. وَقَدِ اسْتُحْدِثَتْ فِي هَذَا الْعَصْرِ وَسَائِل يُعْمَل بِهَا فِي الْمَحَاكِمِ، وَهِيَ تَتَّفِقُ وَمَا قَرَّرَهُ الْفُقَهَاءُ مِنْ قَصْدِ إِعْلاَمِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ. فَتُنِيطُ بِمُوَظَّفِينَ طَلَبَ إِعْلاَنِ الْخُصُومِ بِأَوْرَاقٍ رَسْمِيَّةٍ يُوَقِّعُ عَلَيْهَا نَفْسُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، أَوْ مَنْ يُقِيمُ مَعَهُ مِنْ زَوْجٍ أَوْ وَلَدٍ أَوْ خَادِمٍ، وَهُنَاكَ حَالاَتٌ يُسْتَدْعَى فِيهَا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِوَاسِطَةِ الشُّرْطَةِ إِذَا امْتَنَعَ مِنَ الْحُضُورِ، وَحَالاَتٌ يُحْكَمُ عَلَيْهِ بِغَرَامَةٍ مَالِيَّةٍ، وَالأَْصْل فِيهَا أَنَّهَا وَسَائِل مَشْرُوعَةٌ فَلاَ بَأْسَ مِنَ الْعَمَل بِهَا وَالسَّيْرِ عَلَيْهَا.
(١) الفتاوى البزازية هامش الهندية ٢ / ٣٦٦، وحاشية البناني ٧ / ١٥٥، والمغني ٩ / ٦١ - ٦٢.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://www.shamela.app/page/contribute