لَبَطَلَتْ لِجَهَالَةِ الْمُوصَى لَهُ، وَلَوْ صُرِفَتْ إِلَى الْفُقَرَاءِ لَجَازَتْ لأَِنَّهَا وَصِيَّةٌ بِالصَّدَقَةِ وَإِخْرَاجٌ لِلْمَال إِلَى اللَّهِ تَعَالَى، وَاللَّهُ تَعَالَى وَاحِدٌ مَعْلُومٌ. وَأَمْكَنَ أَنْ تُجْعَل الْوَصِيَّةُ لِلْفُقَرَاءِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ اللَّفْظُ مِمَّا يُنْبِئُ عَنِ الْحَاجَةِ لُغَةً لَكِنَّهُ يُنْبِئُ عَنْ سَبَبِ الْحَاجَةِ وَعَمَّا يُوجِبُ الْحَاجَةَ بِطَرِيقِ الضَّرُورَةِ، لأَِنَّ الصِّغَرَ وَالاِنْفِرَادَ عَنِ الأَْبِ أَعْظَمُ أَسْبَابِ الْحَاجَةِ، إِذِ الصَّغِيرُ عَاجِزٌ عَنْ الاِنْتِفَاعِ بِمَالِهِ وَلاَ بُدَّ لَهُ مِمَّنْ يَقُومُ بِإِيصَال مَنَافِعَ مَالِهِ إِلَيْهِ، وَكَذَلِكَ هُوَ عَازِمٌ عَنِ الْقِيَامِ بِحِفْظِ مَالِهِ لَهُ وَاسْتِئْمَانِهِ وَلاَ بَقَاءَ لِلْمَال عَادَةً إِلاَّ بِالْحِفْظِ وَالاِسْتِثْمَارِ، وَهُوَ عَاجِزٌ عَنْ ذَلِكَ كُلِّهِ فَيَصِيرُ فِي الْحُكْمِ كَمَنْ انْقَطَعَتْ عَلَيْهِ مَنَافِعُ مَالِهِ بِسَبَبِ بُعْدِهِ عَنْ مَالِهِ وَهُوَ ابْنُ السَّبِيل فَصَارَ الاِسْمُ بِهَذِهِ الْوَسَاطَةِ مُنْبِئًا عَنِ الْحَاجَةِ، وَلِهَذَا الْمَعْنَى جَعَل اللَّهُ لِلْيَتَامَى سَهْمًا مِنْ خُمُسِ الْغَنِيمَةِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُول وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى (١) } وَأَرَادَ بِهِ الْمُحْتَاجِينَ مِنْهُمْ دُونَ الأَْغْنِيَاءِ، وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ أَمْكَنَ تَصْحِيحُ هَذَا التَّصَرُّفِ بِجَعْلِهِ إِيصَاءً بِالصَّدَقَةِ.
وَيَرَى الْحَنَابِلَةُ أَنَّ الْوَصِيَّةَ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ صَحِيحَةٌ وَتُصْرَفُ إِلَى الْفُقَرَاءِ وَالأَْغْنِيَاءِ مِنْهُمْ
(١) سورة الأنفال ٤١.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://www.shamela.app/page/contribute