الْمُوَالاَةِ، إِلاَّ إِذَا عَقَل عَنْهُ، فَلَيْسَ لَهُ حِينَئِذٍ فَسْخُهُ، لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْغَيْرِ بِهِ وَحُصُول الْمَقْصُودِ مِنْهُ. حَيْثُ إِنَّ وِلاَيَةَ التَّحَوُّل قَبْل أَنْ يَعْقِل بِهِ بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ عَقْدُ تَبَرُّعٍ، فَإِذَا عَقَل عَنْهُ، صَارَ كَالْعِوَضِ فِي الْهِبَةِ. وَلأَِنَّهُ إِذَا عَقَل عَنْهُ فَقَدْ تَأَكَّدَ الْعَقْل بِقَضَاءِ الْقَاضِي، وَفِي التَّحَوُّل بِهِ إِلَى غَيْرِهِ فَسْخُ قَضَائِهِ، وَهُوَ لاَ يَمْلِكُ فَسْخَ الْقَضَاءِ.
وَكَذَلِكَ لَهُ أَنْ يَفْسَخَهُ صَرِيحًا قَبْل أَنْ يَعْقِل عَنْهُ - بِأَنْ يَقُول لَهُ: فَسَخْتُ عَقْدَ الْمُوَالاَةِ مَعَكَ - لأَِنَّ كُل عَقْدٍ غَيْرُ لاَزِمٍ مِنَ الْجَانِبَيْنِ، لِكُل وَاحِدٍ مِنَ الْعَاقِدَيْنِ فَسْخُهُ، إِلاَّ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَفْسَخَهُ إِلاَّ بِحَضْرَةِ الآْخَرِ، أَيْ بِعِلْمِهِ، لأَِنَّهُ تَعَلَّقَ بِهِ حَقُّ الآْخَرِ، فَلاَ يَمْلِكُ إِسْقَاطَهُ مَقْصُورًا مِنْ غَيْرِ عِلْمِهِ، كَعَزْل الْوَكِيل مَقْصُورًا مِنْ غَيْرِ عِلْمِهِ، إِلاَّ أَنْ يُوَالِيَ الأَْسْفَل (أَيِ الْمَوْلَى الْمُوجِبُ) آخَرَ، فَيَكُونُ ذَلِكَ نَقْضًا دَلاَلَةً، وَإِنْ لَمْ يَحْضُرْ صَاحِبُهُ، أَوِ انْتِقَاضًا ضَرُورَةً، لأَِنَّهُ لاَ يَمْلِكُ مُوَالاَةَ غَيْرِهِ إِلاَّ بِانْفِسَاخِ عَقْدِهِ الأَْوَّل فَيَنْفَسِخُ الأَْوَّل دَلاَلَةً وَضَرُورَةً. إِذْ كَثِيرًا مَا يَثْبُتُ الشَّيْءُ دَلاَلَةً أَوْ ضَرُورَةً، وَإِنْ كَانَ لاَ يَثْبُتُ قَصْدًا. (١)
(١) البدائع ٤ ١٧١، وتكملة البحر ٨ ٧٩، والدر المنتقى ٢ ٤٢٧، ٤٢٨، والهداية وشروحها ٨ ١٦٣.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://www.shamela.app/page/contribute