للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْحَجِّ عَنْ أَبِيهَا، وَلَوْلاَ أَنَّ حَجَّهَا يَقَعُ عَنْ أَبِيهَا لَمَا أَمَرَهَا بِالْحَجِّ عَنْهُ.

وَلأَِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَاسَ دَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى بِدَيْنِ الْعِبَادِ بِقَوْلِهِ: أَرَأَيْتِ لَوْ كَانَ عَلَى أَبِيكِ دَيْنٌ (١) . وَذَلِكَ تُجْزِئُ فِيهِ النِّيَابَةُ، وَيَقُومُ فِعْل النَّائِبِ مَقَامَ فِعْل الْمَنُوبِ عَنْهُ كَذَا هَذَا. لأَِنَّ الْحَاجَّ يَحْتَاجُ إِلَى نِيَّةِ الْمَحْجُوجِ عَنْهُ كَذَا الإِْحْرَامُ، وَلَوْ لَمْ يَقَعْ نَفْسُ الْحَجِّ عَنْهُ لَكَانَ لاَ يَحْتَاجُ إِلَى نِيَّتِهِ.

وَرُوِيَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ أَنَّ نَفْسَ الْحَجِّ يَقَعُ عَنِ الْحَاجِّ، وَإِنَّمَا لِلْمَحْجُوجِ عَنْهُ ثَوَابُ النَّفَقَةِ؛ لأَِنَّ الْحَجَّ عِبَادَةٌ بَدَنِيَّةٌ وَمَالِيَّةٌ وَالْبَدَنَ لِلْحَاجِّ، وَالْمَال لِلْمَحْجُوجِ عَنْهُ، فَمَا كَانَ مِنَ الْبَدَنِ لِصَاحِبِ الْبَدَنِ، وَمَا كَانَ بِسَبَبِ الْمَال يَكُونُ لِصَاحِبِ الْمَال. وَالدَّلِيل عَلَيْهِ أَنَّهُ لَوِ ارْتَكَبَ شَيْئًا مِنْ مَحْظُورَاتِ الإِْحْرَامِ فَكَفَّارَتُهُ فِي مَالِهِ لاَ فِي مَال الْمَحْجُوجِ عَنْهُ، وَكَذَا لَوْ أَفْسَدَ الْحَجَّ يَجِبُ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ، فَدَل عَلَى أَنَّ نَفْسَ الْحَجِّ يَقَعُ لَهُ.


(١) حديث: " أرأيت لو كان على أبيك دين. . ". أخرجه النسائي (٥ / ١١٨ ط المكتبة التجارية) من حديث ابن عباس