مِنَ الْعُلَمَاءِ الْفَخْرُ الرَّازِيُّ، حَيْثُ نَقَل عَنْهُ الأَْلُوسِيُّ أَنَّهُ قَال: وَالْمَذْهَبُ أَنَّهَا كَالْمُسْلِمَةِ، وَالْمُرَادُ بِنِسَائِهِنَّ جَمِيعُ النِّسَاءِ، وَقَوْل السَّلَفِ مَحْمُولٌ عَلَى الاِسْتِحْبَابِ. وَكَذَلِكَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ، حَيْثُ قَال: وَالصَّحِيحُ عِنْدِي أَنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ لِجَمِيعِ النِّسَاءِ، وَإِنَّمَا جَاءَ بِالضَّمِيرِ لِلاِتِّبَاعِ، فَإِنَّهَا آيَةُ الضَّمَائِرِ، إِذْ فِيهَا خَمْسٌ وَعِشْرُونَ ضَمِيرًا، لَمْ يَرِدْ فِي الْقُرْآنِ لَهَا نَظِيرٌ.
وَاسْتَدَل أَصْحَابُ هَذَا الْقَوْل بِأَنَّ نِسَاءَ أَهْل الْكِتَابِ كُنَّ يَدْخُلْنَ عَلَى نِسَاءِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فَلَمْ يَكُنَّ يَتَحَجَّبْنَ وَلاَ أُمِرْنَ بِحِجَابٍ وَاسْتَدَلُّوا أَيْضًا بِالْقِيَاسِ عَلَى نَظَرِ الرَّجُل الْكَافِرِ لِلرَّجُل الْمُسْلِمِ بِجَامِعِ اتِّحَادِ الْجِنْسِ، فَكَمَا لَمْ يُفَرَّقْ فِي حُكْمِ النَّظَرِ بَيْنَ الرِّجَال بِاخْتِلاَفِ الدِّينِ، فَكَذَلِكَ فِي حُكْمِهِ بَيْنَ النِّسَاءِ، وَلأَِنَّ الْمَعْنَى الَّذِي مُنِعَ بِهِ الرِّجَال مِنَ النَّظَرِ إِلَى النِّسَاءِ غَيْرُ مَوْجُودٍ فِي النَّظَرِ بَيْنَ النِّسَاءِ، سَوَاءٌ اتَّحَدَ الدِّينُ أَمِ اخْتَلَفَ، وَلأَِنَّ هَذَا الْقَوْل أَرْفَقُ بِالنَّاسِ وَيَرْفَعُ حَرَجًا عَنْهُمْ، إِذْ لاَ يَكَادُ يُمْكِنُ احْتِجَابُ الْمُسْلِمَاتِ عَنِ الذِّمِّيَّاتِ (١) .
(١) الْعِنَايَة عَلَى الْهِدَايَةِ ١٠ / ٤٧، ٤٨، وَالْمَبْسُوط ١٠ / ١٦١، وَرَوْضَة الطَّالِبِينَ ٧ / ٢١ وَمَا بَعْدَهَا، وَزَاد الْمُحْتَاجِ ٣ / ١٢١ وَمَا بَعْدَهَا، وَمُغْنِي الْمُحْتَاج ٤ / ٢١٤، وَنِهَايَة الْمُحْتَاجِ ٦ / ١٩٤، وَالإِْنْصَاف ٨ ٢٤، وَالْمُبْدِع ٧ ١٠، وَمَطَالِب أُولِي النُّهَى ٥ / ١٥، وَالْمُغْنِي ٦ / ٥٦٢، ٥٦٣، وَتَفَاسِير الأَْلُوسِي ١٨ / ١٤٣، وَأَحْكَام الْقُرْآنِ لاِبْنِ الْعَرَبِيِّ ٣ / ٣٢٦.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://www.shamela.app/page/contribute