للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْمُزَارِعِ خَاصَّةً، لأَِنَّ الْعَقْدَ وَإِنْ كَانَ قَدِ انْفَسَخَ حَقِيقَةً لِوُجُودِ سَبَبِهِ وَهُوَ الْمَوْتُ، إِلاَّ أَنَّنَا أَبْقَيْنَاهُ تَقْدِيرًا دَفْعًا لِلضَّرَرِ عَنِ الْمُزَارِعِ، لأَِنَّهُ لَوِ انْفَسَخَ لَثَبَتَ لِصَاحِبِ الأَْرْضِ حَقُّ الْقَلْعِ، وَفِيهِ ضَرَرٌ بِالْمُزَارِعِ، فَجَعَل ذَلِكَ عُذْرًا فِي بَقَاءِ الْعَقْدِ تَقْدِيرًا، فَإِذَا بَقِيَ الْعَقْدُ كَانَ الْعَمَل عَلَى الْمُزَارِعِ خَاصَّةً كَمَا كَانَ قَبْل الْمَوْتِ.

وَأَمَّا إِذَا مَاتَ الْمُزَارِعُ وَالزَّرْعُ بَقْلٌ، فَلِوَرَثَتِهِ أَنْ يَعْمَلُوا عَلَى شَرْطِ الْمُزَارَعَةِ، وَإِنْ أَبَى ذَلِكَ صَاحِبُ الأَْرْضِ، لأَِنَّ فِي الْقَطْعِ ضَرَرًا بِهِمْ وَلاَ ضَرَرَ بِصَاحِبِ الأَْرْضِ فِي التَّرْكِ إِلَى وَقْتِ الإِْدْرَاكِ، وَإِنْ أَرَادَ الْوَرَثَةُ قَلْعَ الزَّرْعِ وَتَرْكَ الْعَمَل، لَمْ يُجْبَرُوا عَلَيْهِ، لأَِنَّ الْعَقْدَ قَدِ انْفَسَخَ حَقِيقَةً، إِلاَّ أَنَّا أَبْقَيْنَاهُ بِاخْتِيَارِهِمْ نَظَرًا لَهُمْ، فَإِنِ امْتَنَعُوا عَنِ الْعَمَل بَقِيَ الزَّرْعُ مُشْتَرَكًا، وَيُخَيَّرُ صَاحِبُ الأَْرْضِ: إِمَّا أَنْ يَقْسِمَهُ بِالْحِصَصِ، أَوْ يُعْطِيَهُمْ قِيمَةَ حِصَصِهِمْ مِنَ الزَّرْعِ الْبَقْل، أَوْ أَنْ يُنْفِقَ عَلَى الزَّرْعِ مِنْ مَال نَفْسِهِ إِلَى وَقْتِ الْحَصَادِ ثُمَّ يَرْجِعُ عَلَيْهِمْ بِحِصَصِهِمْ، لأَِنَّ فِي ذَلِكَ رِعَايَةً لِلْجَانِبَيْنِ (١) .


(١) بدائع الصنائع ٦ / ١٨٤ - ١٨٥، والمبسوط للسرخسي ٢٣ / ٤٥، والهداية مع العناية وتكملة فتح القدير ٩ / ٤٧٣، ٤٧٤، ٤٧٧.