الأُْولَى: الإِْبْرَاءُ مِنْ إِبِل الدِّيَةِ، فَيَصِحُّ الإِْبْرَاءُ مِنْهَا مَعَ الْجَهْل بِصِفَتِهَا، لاِغْتِفَارِهِمْ ذَلِكَ فِي إِثْبَاتِهَا فِي ذِمَّةِ الْجَانِي. وَكَذَا الأَْرْشُ وَالْحُكُومَةُ يَصِحُّ الإِْبْرَاءُ مِنْهُمَا مَعَ الْجَهْل بِصِفَتِهِمَا.
الثَّانِيَةُ: إِذَا ذَكَرَ قَدْرًا يَتَحَقَّقُ أَنَّ حَقَّهُ أَقَل مِنْهُ.
وَأُضِيفَ إِلَى هَاتَيْنِ الصُّورَتَيْنِ مَا لَوْ أَبْرَأَهُ عَمَّا عَلَيْهِ بَعْدَ مَوْتِهِ، فَيَصِحُّ مَعَ الْجَهَالَةِ، لأَِنَّهُ وَصِيَّةٌ.
كَذَلِكَ الْجَهْل الْيَسِيرُ الَّذِي يُمْكِنُ مَعْرِفَتُهُ لاَ يُؤَثِّرُ فِي الإِْسْقَاطِ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ، كَالإِْبْرَاءِ مِنْ حِصَّتِهِ مِنْ مُوَرِّثِهِ فِي التَّرِكَةِ، إِنْ عَلِمَ قَدْرَ التَّرِكَةِ، وَجَهِل قَدْرَ حِصَّتِهِ.
وَإِنْ أَجَازَ الْوَارِثُ وَصِيَّةَ مُوَرِّثِهِ فِيمَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ، وَقَال: إِنَّمَا أَجَزْتُ لأَِنِّي ظَنَنْتُ الْمَال قَلِيلاً، وَأَنَّ الثُّلُثَ قَلِيلٌ، وَقَدْ بَانَ أَنَّهُ كَثِيرٌ، قُبِل قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ، وَلَهُ الرُّجُوعُ بِمَا زَادَ عَلَى ظَنِّهِ، مَا لَمْ يَكُنِ الْمَال ظَاهِرًا لاَ يَخْفَى عَلَى الْمُجِيزِ، أَوْ تَقُومُ بَيِّنَةٌ بِعِلْمِهِ وَبِقَدْرِهِ، وَهَذَا فِي الْجُمْلَةِ. (١)
٦٢ - أَمَّا الإِْبْرَاءُ مِنَ الْعُيُوبِ فِي الْبَيْعِ، فَالْحُكْمُ فِيهِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ كَالْحُكْمِ فِي الدَّيْنِ، مَعَ تَفْصِيلٍ بَيْنَ الْحَادِثِ وَالْقَائِمِ. وَعِنْدَ الْحَنَابِلَةِ: الأَْشْهَرُ فِيهِ عَدَمُ صِحَّةِ الإِْبْرَاءِ. وَالرَّأْيُ الثَّانِي: يَجُوزُ الإِْبْرَاءُ فِيهِ. وَأَمَّا عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ فَفِيهِ طَرِيقَانِ: أَحَدُهُمَا أَنَّ الْمَسْأَلَةَ عَلَى ثَلاَثَةِ أَقْوَالٍ: قَوْلٌ بِصِحَّةِ الْبَرَاءَةِ مِنْ كُل عَيْبٍ، وَقَوْلٌ بِعَدَمِ صِحَّةِ الْبَرَاءَةِ وَالثَّالِثُ أَنَّهُ لاَ يُبَرَّأُ إِلاَّ مِنْ عَيْبٍ وَاحِدٍ، وَهُوَ الْعَيْبُ الْبَاطِنُ فِي الْحَيَوَانِ الَّذِي لاَ يَعْلَمُ بِهِ الْبَائِعُ، قَال الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: لأَِنَّ الْحَيَوَانَ يُفَارِقُ مَا سِوَاهُ، وَقَلَّمَا يُبَرَّأُ مِنْ عَيْبٍ يَظْهَرُ أَوْ يَخْفَى، فَدَعَتِ الْحَاجَةُ إِلَى
(١) منتهى الإرادات ٢ / ٥٤٣، والمهذب ١ / ٤٥٧.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://www.shamela.app/page/contribute