الْكَنِيسَةُ (الَّتِي أُقِرَّ أَهْلُهَا عَلَيْهَا) فَلِلذِّمِّيِّينَ إِِعَادَتُهَا، لأَِنَّ الأَْبْنِيَةَ لاَ تَبْقَى دَائِمًا، وَلَمَّا أَقَرَّهُمُ الإِِِْمَامُ عَلَى إِِبْقَائِهَا قَبْل الظُّهُورِ عَلَيْهِمْ وَصَالَحَهُمْ عَلَيْهِ فَقَدْ عَهِدَ إِِلَيْهِمُ الإِِِْعَادَةَ، وَلأَِنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِإِِِحْدَاثِ، وَالْمُرَادُ بِالإِِِْعَادَةِ أَنْ تَكُونَ مِنْ غَيْرِ زِيَادَةٍ عَلَى الْبِنَاءِ الأَْوَّل كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ الْحَنَفِيَّةُ أَيْ: لاَ يَبْنُونَ مَا كَانَ بِاللَّبِنِ بِالآْجُرِّ، وَلاَ مَا كَانَ بِالآْجُرِّ بِالْحَجَرِ وَلاَ مَا كَانَ بِالْجَرِيدِ وَخَشَبِ النَّخْل بِالنَّقَى وَالسَّاجِ، وَلاَ بَيَاضًا لَمْ يَكُنْ.
قَالُوا: وَلِلإِِِْمَامِ أَنْ يُخَرِّبَهَا إِِذَا وَقَفَ عَلَى بِيعَةٍ جَدِيدَةٍ، أَوْ بُنِيَ مِنْهَا فَوْقَ مَا كَانَ فِي الْقَدِيمِ، وَكَذَا مَا زَادَ فِي عِمَارَتِهَا الْعَتِيقَةِ.
وَإِِِذَا جَازَ لَهُمْ إِِعَادَةُ بِنَائِهَا فَإِِِنَّ لَهُمْ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ تَوْسِيعٍ عَلَى خُطَّتِهَا، كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيَّةُ فِي الصَّحِيحِ مِنَ الْمَذْهَبِ، لأَِنَّ الزِّيَادَةَ فِي حُكْمِ كَنِيسَةٍ مُحْدَثَةٍ مُتَّصِلَةٍ بِالأُْولَى، وَقِيل: الْمُرَادُ بِالإِِِْعَادَةِ الإِِِْعَادَةُ لِمَا تَهَدَّمَ مِنْهَا لاَ بِآلاَتِ جَدِيدَةٍ (١) ، وَالْمُرَادُ بِالْمُهْدَمِ كَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ عَابِدِينَ نَقْلاً عَنِ الأَْشْبَاهِ: مَا انْهَدَمَ، وَلَيْسَ مَا هَدَمَهُ الإِِِْمَامُ، لأَِنَّ فِي إِِعَادَتِهَا بَعْدَ هَدْمِ الْمُسْلِمِينَ اسْتِخْفَافًا بِهِمْ وَبِالإِِِْسْلاَمِ، وَإِِِخْمَادًا لَهُمْ وَكَسْرًا لِشَوْكَتِهِمْ، وَنَصْرًا لِلْكُفْرِ وَأَهْلِهِ،
(١) حاشية ابن عابدين ٣ / ٢٧٢، ٢٧٣، ومغني المحتاج ٤ / ٢٥٤، ٢٥٥، وروضة الطالبين ١٠ / ٣٢٤.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://www.shamela.app/page/contribute