الرِّبْحِ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ رَأْسَ الْمَال، لأَِنَّ الرِّبْحَ فَضْلٌ عَلَى رَأْسِ الْمَال، وَلاَ يُعْرَفُ الْفَضْل إِِلاَّ بَعْدَ سَلاَمَةِ رَأْسِ الْمَال، فَلاَ تَصِحُّ قِسْمَتُهُ فَيَنْصَرِفُ الْهَلاَكُ إِِلَيْهِ، وَلَوْ فُسِخَتِ الْمُضَارَبَةُ ثُمَّ اقْتَسَمَا الرِّبْحَ، ثُمَّ عَقَدَا الْمُضَارَبَةَ فَهَلَكَ رَأْسُ الْمَال لَمْ يَتَرَادَّا الرِّبْحَ، لأَِنَّ هَذِهِ مُضَارَبَةٌ جَدِيدَةٌ، وَالأُْولَى قَدِ انْتَهَتْ فَانْتَهَى حُكْمُهَا، وَاشْتِرَاطُ الْوَضِيعَةِ عَلَى الْمُضَارِبِ بَاطِلٌ (١) .
وَقَال النَّوَوِيُّ: النَّقْصُ الْحَاصِل بِرُخْصٍ فِي مَال الْقِرَاضِ هُوَ خُسْرَانٌ مَجْبُورٌ بِالرِّبْحِ، وَكَذَا النَّقْصُ بِالتَّعَيُّبِ وَالْمَرَضِ الْحَادِثَيْنِ، وَأَمَّا النَّقْصُ الْعَيْنِيُّ وَهُوَ تَلَفُ بَعْضِ الْمَال، فَإِِِنْ حَصَل بَعْدَ التَّصَرُّفِ فِي الْمَال بَيْعًا وَشِرَاءً فَقَطَعَ الْجُمْهُورُ بِأَنَّ الاِحْتِرَاقَ وَغَيْرَهُ مِنَ الآْفَاتِ السَّمَاوِيَّةِ خُسْرَانٌ يُجْبَرُ بِالرِّبْحِ، وَفِي التَّلَفِ بِالسَّرِقَةِ وَالْغَصْبِ إِِذَا تَعَذَّرَ أَخْذُ الْبَدَل مِنَ الْمُتْلِفِ وَجْهَانِ، وَطَرَّدَ جَمَاعَةٌ الْوَجْهَيْنِ فِي الآْفَةِ السَّمَاوِيَّةِ، وَالأَْصَحُّ فِي الْجَمِيعِ الْجَبْرُ.
وَإِِِنْ حَصَل النَّقْصُ قَبْل التَّصَرُّفِ فَوَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا أَنَّهُ خُسْرَانٌ فَيُجْبَرُ بِالرِّبْحِ الْحَاصِل بَعْدُ، لأَِنَّهُ بِقَبْضِ الْعَامِل صَارَ مَال مُضَارَبَةٍ، وَأَصَحُّهُمَا: يَتْلَفُ مِنْ رَأْسِ الْمَال لاَ مِنَ الرِّبْحِ، لأَِنَّ الْعَقْدَ لَمْ يَتَأَكَّدْ بِالْعَمَل.
(١) الاختيار ٣ / ٢٠، ٢٤، ٢٥.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://www.shamela.app/page/contribute