وَإِنْ تَعَنَّتَ الزَّارِعُ أَخَذَ الْكَفِيل بِالْعَمَل، لأَِنَّهُ الْتَزَمَ الْمُطَالَبَةَ بِإِيفَاءِ مَا كَانَ عَلَى الأَْصِيل وَهُوَ عَمَل الزِّرَاعَةِ.
فَإِذَا عَمِل الْكَفِيل وَبَلَغَ الزَّرْعُ الْحَصَادَ ثُمَّ ظَهَرَ الْمُزَارِعُ كَانَ الْخَارِجُ بَيْنَهُمَا عَلَى الشَّرْطِ، لأَِنَّ الْكَفِيل كَانَ نَائِبًا عَنْهُ فِي إِقَامَةِ الْعَمَل، وَيَسْتَحِقُّ الْكَفِيل أَجْرَ مِثْل عَمَلِهِ إِنْ كَانَ كَفَلَهُ بِأَمْرِهِ، لأَِنَّهُ الْتَزَمَ الْعَمَل بِأَمْرِهِ وَقَدْ أَوْفَاهُ، فَيَرْجِعُ عَلَيْهِ بِمِثْلِهِ، وَمِثْلُهُ هُوَ أَجْرُ الْمِثْل.
وَلاَ يَجُوزُ ضَمَانُ الْمُزَارِعِ إِذَا كَانَ رَبُّ الأَْرْضِ قَدِ اشْتَرَطَ عَلَيْهِ أَنْ يَعْمَل بِنَفْسِهِ، لأَِنَّ مَا الْتَزَمَهُ الْعَامِل هُنَا لاَ تَجْرِي فِيهِ النِّيَابَةُ، وَهُوَ عَمَل الْمُزَارِعِ بِنَفْسِهِ، إِذْ لَيْسَ فِي وُسْعِ الْكَفِيل إِبْقَاءُ ذَلِكَ، فَيَبْطُل الضَّمَانُ وَتَبْطُل مَعَهُ الْمُزَارَعَةُ أَيْضًا لَوْ كَانَ شَرَطَا فِيهَا.
وَإِذَا ضَمِنَ الْكَفِيل لِرَبِّ الأَْرْضِ حِصَّتَهُ مِنَ الْخَارِجِ فَإِنَّ الْكَفَالَةَ لاَ تَصِحُّ سَوَاءٌ أَكَانَ الْبَذْرُ مِنْ قِبَل رَبِّ الأَْرْضِ أَمْ كَانَ مِنْ قِبَل الْمُزَارِعِ، لأَِنَّ نَصِيبَ صَاحِبِ الأَْرْضِ مِنَ الْخَارِجِ أَمَانَةٌ فِي يَدِ الْمُزَارِعِ.
وَالْكِفَالَةُ بِالأَْمَانَةِ لاَ تَصِحُّ، وَإِنَّمَا تَصِحُّ بِمَا هُوَ مَضْمُونُ التَّسْلِيمِ عَلَى الأَْصْل، ثُمَّ تَبْطُل الْمُزَارَعَةُ إِنْ كَانَتِ الْكَفَالَةُ شَرْطًا فِيهَا، وَهَذَا كُلُّهُ قَوْل الْحَنَفِيَّةِ (١) .
(١) المبسوط ٢٣ / ١٢٧، وحاشية ابن عابدين ٦ / ٢٨٣، والفتاوى الهندية ٥ / ٢٦٨.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://www.shamela.app/page/contribute