وَقَال الْحَنَفِيَّةُ: يُفَرَّقُ فِي حُكْمِ كَفَالَةِ الْمَرِيضِ غَيْرِ الْمَدِينِ بَيْنَ مَا إِذَا كَانَ كُلٌّ مِنَ الْمَكْفُول لَهُ، وَهُوَ الدَّائِنُ، وَالْمَكْفُول عَنْهُ، وَهُوَ الْمَدِينُ، أَجْنَبِيًّا عَنِ الْمَرِيضِ، وَبَيْنَ مَا إِذَا كَانَ أَحَدُهُمَا وَارِثًا لَهُ:
أ - فَإِذَا كَفَل الْمَرِيضُ دَيْنًا لِشَخْصٍ عَلَى آخَرَ، وَكَانَ كُلٌّ مِنَ الْمَكْفُول لَهُ وَعَنْهُ أَجْنَبِيًّا عَنِ الْمَرِيضِ، نَفَذَتِ الْكَفَالَةُ مِنْ كُل مَال الْمَرِيضِ إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ وَارِثٌ، وَلِلدَّائِنِ الْحَقُّ فِي أَخْذِ الدَّيْنِ الْمَضْمُونِ بِهِ مِنْ تَرِكَتِهِ، وَلَوِ اسْتَغْرَقَ ذَلِكَ الدَّيْنُ كُل التَّرِكَةِ، وَلَيْسَ لأَِحَدٍ حَقٌّ فِي مُعَارَضَتِهِ.
أَمَّا إِذَا كَانَ لِلْمَرِيضِ وَرَثَةٌ، فَيُنْظَرُ: فَإِنْ كَانَ الْمَال الْمَضْمُونُ بِهِ لاَ يَتَجَاوَزُ ثُلُثَ مَالِهِ، نَفَذَ وَإِنْ لَمْ يُجِزْهُ الْوَرَثَةُ، وَإِنْ تَجَاوَزَ الثُّلُثَ تَوَقَّفَ الْقَدْرُ الزَّائِدُ عَلَى إِجَازَتِهِمْ، فَإِنْ رَدُّوهُ بَطَل، وَإِنْ أَجَازُوهُ نَفَذَ، لأَِنَّ الْمَنْعَ كَانَ لِحَقِّهِمْ وَقَدْ أَسْقَطُوهُ، فَيَزُول الْمَانِعُ (١) .
ب - أَمَّا إِذَا كَانَ الْمَكْفُول لَهُ أَوْ عَنْهُ وَارِثًا، وَلَمْ يَكُنْ لِلْمَرِيضِ الضَّامِنِ وَارِثٌ سِوَاهُ، فَإِنَّ الْكَفَالَةَ تَنْفُذُ مِنْ كُل مَال الْمَرِيضِ، وَلاَ اعْتِرَاضَ لأَِحَدٍ عَلَيْهِ.
أَمَّا إِذَا كَانَ لَهُ وَرَثَةٌ غَيْرُهُ، فَلاَ تَنْفُذُ هَذِهِ
(١) رد المحتار ٢ / ٤٩٠ ط. بولاق الثالثة ١٢٩٩ هـ، وبدائع الصنائع ٦ / ٦، وجامع الفصولين ٢ / ١٧٩، وفتاوى قاضيخان ٣ / ٦٩.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://www.shamela.app/page/contribute