قَال ابْنُ قُدَامَةَ: مَنْ كَانَ مَسْتُورَ الْحَال لَمْ تُعْرَفْ مِنْهُ حَقِيقَةُ الْعَدَالَةِ وَلاَ الْخِيَانَةِ وَأَرَادَ السَّفَرَ بِاللَّقِيطِ فَفِيهِ وَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: لاَ يُقَرَّ فِي يَدَيْهِ، لأَِنَّهُ لَمْ يُتَحَقَّقْ أَمَانَتُهُ فَلَمْ تُؤْمَنِ الْخِيَانَةُ مِنْهُ.
وَالثَّانِي: يُقَرُّ فِي يَدَيْهِ، لأَِنَّهُ يُقَرُّ فِي يَدَيْهِ فِي الْحَضَرِ مِنْ غَيْرِ مُشْرِفٍ يُضَمُّ إِلَيْهِ فَأَشْبَهَ الْعَدْل وَلأَِنَّ الظَّاهِرَ السَّتْرُ وَالصِّيَانَةُ.
أَمَّا مَنْ عُرِفَتْ عَدَالَتُهُ وَظَهَرَتْ أَمَانَتُهُ فَيُقَرُّ اللَّقِيطُ فِي يَدِهِ فِي سَفَرِهِ وَحَضَرِهِ، لأَِنَّهُ مَأْمُونٌ عَلَيْهِ إِذَا كَانَ سَفَرُهُ لِغَيْرِ النُّقْلَةِ.
فَإِنْ كَانَ سَفَرُ الْمُلْتَقِطِ الأَْمِينِ بِاللَّقِيطِ إِلَى مَكَانٍ يُقِيمُ بِهِ نَظَرْنَا، فَإِنْ كَانَ الْتَقَطَهُ مِنَ الْحَضَرِ فَأَرَادَ الاِنْتِقَال بِهِ إِلَى الْبَادِيَةِ لَمْ يُقَرَّ فِي يَدِهِ، لأَِنَّ مُقَامَهُ فِي الْحَضَرِ أَصْلَحُ لَهُ فِي دِينِهِ وَدُنْيَاهُ وَأَرْفَهُ لَهُ، وَلأَِنَّهُ إِذَا وُجِدَ فِي الْحَضَرِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ وُلِدَ فِيهِ فَبَقَاؤُهُ فِيهِ أَرْجَى لِكَشْفِ نَسَبِهِ وَظُهُورِ أَهْلِهِ وَاعْتِرَافِهِمْ بِهِ.
فَإِنْ أَرَادَ الاِنْتِقَال بِهِ إِلَى بَلَدٍ آخَرَ مِنَ الْحَضَرِ فَفِيهِ وَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: لاَ يُقَرُّ فِي يَدِهِ، لأَِنَّ بَقَاءَهُ فِي بَلَدِهِ أَرْجَى لِكَشْفِ نَسَبِهِ، فَلَمْ يُقَرَّ فِي يَدِ الْمُنْتَقِل عَنْهُ قِيَاسًا عَلَى الْمُنْتَقِل بِهِ إِلَى الْبَادِيَةِ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يُقَرُّ فِي يَدِهِ، لأَِنَّ وِلاَيَتَهُ ثَابِتَةٌ، وَالْبَلَدُ الثَّانِي كَالأَْوَّل فِي الرَّفَاهِيَةِ فَيُقَرُّ فِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://www.shamela.app/page/contribute