للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عِنْدَهُمْ، وَالْقَاضِي مِنَ الْحَنَابِلَةِ، إِلَى اشْتِرَاطِ كَوْنِ الْمَكْفُول لَهُ مَعْلُومًا لِلْكَفِيل، سَوَاءٌ كَانَتِ الْكَفَالَةُ مُنَجَّزَةً أَوْ مُعَلَّقَةً أَوْ مُضَافَةً، فَإِنْ كَانَ مَجْهُولاً لَهُ، كَمَا لَوْ قَال: أَنَا كَفِيلٌ بِمَا يَحْصُل مِنْ هَذَا الدَّلاَّل مِنْ ضَرَرٍ عَلَى النَّاسِ، لَمْ تَصِحَّ الْكَفَالَةُ؛ لِتَفَاوُتِ النَّاسِ فِي اسْتِيفَاءِ حُقُوقِهِمْ تَشْدِيدًا وَتَسْهِيلاً وَلِيَعْلَمَ الضَّامِنُ هَل هُوَ أَهْلٌ لإِِسْدَاءِ الْجَمِيل إِلَيْهِ أَوْ لاَ، ثُمَّ إِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدًا يَشْتَرِطَانِ أَنْ يَكُونَ الْمَكْفُول لَهُ حَاضِرًا فِي مَجْلِسِ الْعَقْدِ - بِنَفْسِهِ أَوْ بِنَائِبِهِ - فَلَوْ كَفَل الْكَفِيل لِشَخْصٍ غَائِبٍ عَنِ الْمَجْلِسِ، وَبَلَغَهُ الْخَبَرُ فَأَجَازَ، لاَ تَصِحُّ الْكَفَالَةُ عِنْدَهُمَا إِذَا لَمْ يَقْبَل عَنْهُ حَاضِرٌ بِالْمَجْلِسِ؛ لأَِنَّ فِي الْكَفَالَةِ مَعْنَى التَّمْلِيكِ، وَالتَّمْلِيكُ لاَ يَحْصُل إِلاَّ بِإِيجَابٍ وَقَبُولٍ، فَلاَ بُدَّ مِنْ تَوَافُرِهِ لإِِتْمَامِ صِيغَةِ الْعَقْدِ.

وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ رِوَايَتَانِ: الرَّاجِحَةُ مِنْهُمَا تُجِيزُ الْكَفَالَةَ لِلْغَائِبِ عَنِ الْمَجْلِسِ وَلاَ تَحْتَاجُ إِلَى قَبُولِهِ، وَمَعَ ذَلِكَ فَقَدِ اشْتَرَطَ أَيْضًا أَنْ يَكُونَ الْمَكْفُول لَهُ مَعْلُومًا لِلْكَفِيل؛ لأَِنَّ الْكَفَالَةَ شُرِعَتْ لِتَوْثِيقِ الدَّيْنِ، فَإِذَا كَانَ الْمَكْفُول لَهُ مَجْهُولاً، فَلاَ يَتَحَقَّقُ مَقْصُودُ الْكَفَالَةِ (١) .


(١) بدائع الصنائع ٦ / ٦، والمبسوط ٢٠ / ٩، فتح القدير ٦ / ٣١٤، وما بعدها. والقليوبي وعميرة ٢ / ٣٢٤ - ٣٢٥، والشرقاوي على التحرير ٢ / ١١٨، وكشاف القناع ٣ / ٣٥٤، والمغني ٥ / ٧١ - ٧٢.