قِسْمَةِ الإِْجْبَارِ، لاَ فِي قِسْمَةِ التَّرَاضِي، إِذْ لِلْمُتَقَاسِمِينَ أَنْ يَتَرَاضَوْا عَلَى مَا شَاءُوا فِي مِثْل هَذَا الْمَوْضِعِ.
وَجْهُ قَوْل أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ: أَنَّ الْمَقْصُودَ هُنَا هُوَ السُّكْنَى، وَلاَ تَفَاوُتَ فِي أَصْل السُّكْنَى بَيْنَ عُلُوٍّ وَسُفْلٍ، فَلاَ نُبَالِي بِتَفَاوُتِهِمَا فِي مَرَافِقَ أُخْرَى مِنْ مِثْل اسْتِنْشَاقِ الْهَوَاءِ، وَاتِّقَاءِ الْحَرِّ.
وَوَجْهُ قَوْل مُحَمَّدٍ: أَنَّهُ لاَ يُمْكِنُ تَجَاهُل الْمَرَافِقِ الأُْخْرَى لِتَأْثِيرِهَا الْبَالِغِ فِي قِيمَةِ الْعَيْنِ، وَإِلاَّ كَانَتْ قِسْمَةً جَائِرَةً، وَالتَّعْدِيل هُوَ أَسَاسُ قِسْمَةِ الإِْجْبَارِ، وَلاَ شَكَّ أَنَّ لِكُلٍّ مِنَ الْعُلُوِّ وَالسُّفْل مَرَافِقَهُ الْخَاصَّةَ، فَفِي الْوُسْعِ أَنْ يُتَّخَذَ فِي السُّفْل، دُونَ الْعُلُوِّ، بِئْرٌ أَوْ سِرْدَابٌ أَوْ إِصْطَبْلٌ، وَأَنْ يُتَّقَى فِي الْعُلُوِّ، دُونَ السُّفْل التَّأْثِيرُ الضَّارُّ لِلرُّطُوبَةِ عَلَى الْجُدْرَانِ وَأُسُسِهَا، وَأَنْ يُسْتَنْشَقَ الْهَوَاءُ فِي وَفْرَةٍ وَنَقَاءٍ، وَأَغْرَاضُ النَّاسِ إِذْ تَتَعَلَّقُ بِهَذِهِ الْمَرَافِقُ، تَتَفَاوَتُ تَفَاوُتًا بَعِيدَ الْمَدَى فِي كُل زَمَانٍ وَمَكَانٍ.
وَيَقُول الْقُدُورِيُّ: قُوِّمَ كُل وَاحِدٍ عَلَى حِدَةٍ، وَقُسِمَ بِالْقِيمَةِ، وَلاَ مُعْتَبَرَ بِغَيْرِ ذَلِكَ، وَيَقُول صَاحِبُ الْهِدَايَةِ: وَالْفَتْوَى الْيَوْمَ عَلَى قَوْل مُحَمَّدٍ (١) .
(١) تكملة فتح القدير ٨ / ٣٦٦.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://www.shamela.app/page/contribute