للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَقَدْ اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ الْمُقْرِضَ لاَ يَلْزَمُ أَخْذُهُ بِغَيْرِ مَحَلِّهِ، لِمَا فِيهِ مِنْ زِيَادَةِ الْكُلْفَةِ، إِلاَّ إِنْ رَضِيَ الْمُقْرِضُ بِأَخْذِهِ جَازَ وَالْحُكْمُ كَذَلِكَ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ إِذَا كَانَ الْمَكَانُ مَخُوفًا (١) .

وَلَوِ الْتَقَى الْمُقْرِضُ وَالْمُقْتَرِضُ فِي غَيْرِ بَلَدِ الْقَرْضِ، وَقِيمَةُ مَحَل الْقَرْضِ فِي الْبَلْدَتَيْنِ مُخْتَلِفَةٌ، فَطَلَبَ الْمُقْرِضُ أَخْذَهُ مِنْهُ، فَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ وَرِوَايَةٌ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ إِلَى أَنَّهُ يَلْزَمُ الْمُقْتَرِضَ أَدَاؤُهَا، وَتُعْتَبَرُ قِيمَةُ بَلَدِ الْقَرْضِ لأَِنَّهُ مَحَل التَّمَلُّكِ.

وَقَال أَبُو يُوسُفَ: تَكُونُ الْقِيمَةُ يَوْمَ الْقَرْضِ.

وَقَال مُحَمَّدٌ: يَوْمَ الْخُصُومَةِ.

وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ: يَسْتَوْثِقُ لِلْمُقْرِضِ مِنَ الْمَطْلُوبِ بِكَفِيلٍ حَتَّى يُوفِيَهُ مِثْلَهُ حَيْثُ أَقْرَضَهُ.

وَقَال ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ: لَوْ لَقِيَ الْمُقْرِضُ الْمُقْتَرِضَ فِي غَيْرِ الْبَلَدِ الَّذِي أَقْرَضَهُ فِيهِ فَطَالَبَهُ بِالْقَضَاءِ فِيهِ لَمْ يَلْزَمْهُ ذَلِكَ، وَلَزِمَ أَنْ يُوَكِّل مَنْ يَقْبِضُهُ مِنْهُ فِي ذَلِكَ الْبَلَدِ الَّذِي اقْتَرَضَهُ فِيهِ، وَلَوِ اصْطَلَحَا عَلَى الْقَضَاءِ فِي الْبَلَدِ الآْخَرِ كَانَ ذَلِكَ جَائِزًا إِنْ كَانَ بَعْدَ


(١) المراجع السابقة.