اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي ذَلِكَ عَلَى ثَلاَثَةِ أَقْوَالٍ:
(الْقَوْل الأَْوَّل) لِلْمَالِكِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ: وَهُوَ أَنَّهُ يَنُوبُ الْقَبْضُ السَّابِقُ مَنَابَ الْقَبْضِ الْمُسْتَحَقِّ بِالْعَقْدِ مُطْلَقًا سَوَاءٌ أَكَانَتْ يَدُهُ عَلَيْهِ يَدَ ضَمَانٍ أَمْ يَدَ أَمَانَةٍ، وَسَوَاءٌ أَكَانَ الْقَبْضُ الْمُسْتَحَقُّ قَبْضَ أَمَانَةٍ أَمْ قَبْضَ ضَمَانٍ، وَلاَ يُشْتَرَطُ الإِْذْنُ وَلاَ مُضِيُّ زَمَانٍ يَتَأَتَّى فِيهِ الْقَبْضُ (١) .
أَمَّا نِيَابَتُهُ مَنَابَ الْقَبْضِ الْمُسْتَحَقِّ بِالْعَقْدِ، فَلأَِنَّ اسْتِدَامَةَ الْقَبْضِ قَبْضٌ حَقِيقَةً، لِوُجُودِ الْحِيَازَةِ مَعَ التَّمَكُّنِ مِنَ التَّصَرُّفِ، فَقَدْ وُجِدَ الْقَبْضُ الْمُسْتَحَقُّ، وَلاَ دَلِيل عَلَى أَنَّهُ يَنْبَغِي وُقُوعُهُ ابْتِدَاءً بَعْدَ الْعَقْدِ.
وَأَمَّا عَدَمُ اشْتِرَاطِ كَوْنِ الْقَبْضَيْنِ مُتَمَاثِلَيْنِ أَوْ كَوْنِ الْقَبْضِ السَّابِقِ أَقْوَى، بِمَا يَنْشَأُ عَنْهُ مِنْ ضَمَانِ الْيَدِ، حَتَّى يَنُوبَ عَنِ الْقَبْضِ الْمُسْتَحَقِّ بِالْعَقْدِ، فَلأَِنَّ الْمُرَادَ بِالْقَبْضِ فِي الْعَقْدِ: إثْبَاتُ الْيَدِ وَالتَّمَكُّنُ مِنَ التَّصَرُّفِ فِي الْمَقْبُوضِ، فَإِذَا وُجِدَ هَذَا الأَْمْرُ، وُجِدَ الْقَبْضُ، أَمَّا مَا يَنْشَأُ عَنْهُ مِنْ كَوْنِ الْمَقْبُوضِ مَضْمُونًا أَوْ أَمَانَةً فِي يَدِ الْقَابِضِ، فَلَيْسَ لِذَلِكَ أَيَّةُ عَلاَقَةٍ أَوْ تَأْثِيرٍ فِي حَقِيقَةِ الْقَبْضِ.
وَأَمَّا عَدَمُ الْحَاجَةِ لِلإِْذْنِ، فَلأَِنَّ إقْرَارَهُ لَهُ فِي
(١) شرح ميارة على التحفة ١ / ١١١، المحرر للمجد بن تيمية ١ / ٣٧٤، ونظرية العقد لابن تيمية ص ٢٣٦، كشاف القناع ٣ / ٢٤٩، ٢٧٣، ٤ / ٢٥٣ (مط. أنصار السنة المحمدية) ، المغني ٤ / ٣٣٤ وما بعدها، ٥ / ٥٩٤ ط. دار المنار.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://www.shamela.app/page/contribute