خَطَؤُهُ، فَلَيْسَ لِلْمُسْتَفْتِي أَنْ يَسْتَنِدَ فِي الْمُسْتَقْبَل إِلَيْهَا فِي وَاقِعَةٍ أُخْرَى مُمَاثِلَةٍ.
وَأَمَّا مَا فَعَلَهُ وَمَضَى فَلَهُ أَحْوَالٌ:
أ - إِنْ تَبَيَّنَ أَنَّ الْمُفْتِيَ خَالَفَ نَصَّ كِتَابٍ أَوْ سُنَّةٍ صَحِيحَةٍ لاَ مُعَارِضَ لَهَا أَوْ خَالَفَ الإِْجْمَاعَ، أَوِ الْقِيَاسَ الْجَلِيَّ، يُنْقَضُ مَا عَمِل، فَإِنْ كَانَ بَيْعًا فَسَخَاهُ، وَإِنْ كَانَ نِكَاحًا وَجَبَ عَلَيْهِ فِرَاقُهَا، وَإِنْ كَانَ اسْتَحَل بِهَا مَالاً وَجَبَ عَلَيْهِ إِعَادَتُهُ إِلَى أَرْبَابِهِ.
ب - إنْ كَانَتْ فُتْيَاهُ الأُْولَى عَنِ اجْتِهَادٍ، ثُمَّ تَغَيَّرَ اجْتِهَادُهُ، فَلاَ يَلْزَمُ الْمُسْتَفْتِيَ نَقْضُ مَا عَمِل، لأَِنَّ الاِجْتِهَادَ لاَ يُنْقَضُ بِالاِجْتِهَادِ، وَالْفُتْيَا فِي هَذَا نَظِيرُ الْقَضَاءِ، لِمَا وَرَدَ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَعْطَى الإِْخْوَةَ لأُِمٍّ الثُّلُثَ، وَحَرَمَ الإِْخْوَةَ الأَْشِقَّاءَ، ثُمَّ وَقَعَتْ وَاقِعَةٌ أُخْرَى فَأَرَادَ أَنْ يَحْكُمَ بِمِثْل ذَلِكَ، فَقَال لَهُ بَعْضُ الأَْشِقَّاءِ: هَبْ أَنَّ أَبَانَا كَانَ حِمَارًا، أَلَيْسَتْ أُمُّنَا وَاحِدَةً؟ فَشَرَكَ بَيْنَهُمْ فِي الثُّلُثِ، فَقِيل لَهُ فِي نَقْضِ الأُْولَى فَقَال: تِلْكَ عَلَى مَا قَضَيْنَا وَهَذِهِ عَلَى مَا نَقْضِي، وَاسْتَثْنَى بَعْضُ الْفُقَهَاءِ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ وَبَعْضُ الْحَنَابِلَةِ النِّكَاحَ، فَرَأَوْا أَنَّهُ لاَ بُدَّ أَنْ يُفَارِقَهَا. (١)
(١) المجموع للنووي ١ / ٤٥، والبحر المحيط ٦ / ٣٠٤، وشرح المنتهى ٣ / ٥٠٢، والأشباه والنظائر للسيوطي ص١٠١، ١٠٢، قاعدة: (الاجتهاد لا ينقض بالاجتهاد) .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://www.shamela.app/page/contribute