كَمَا اسْتَدَلُّوا بِأَنَّ مَا جَازَ إِبْدَالُهُ قَبْل التَّفَرُّقِ جَازَ إِبْدَالُهُ مَعَ صِحَّةِ الْعَقْدِ بَعْدَ التَّفَرُّقِ كَالسَّلَمِ، وَكَمَا أَنَّ مَا لَمْ يَجُزْ إِبْدَالُهُ قَبْل التَّفَرُّقِ مِنَ الْمُعَيَّنِ لَمْ يَجُزْ إِبْدَالُهُ بَعْدَ التَّفَرُّقِ.
وَاسْتَدَلُّوا كَذَلِكَ بِأَنَّهُ مَضْمُونٌ فِي الذِّمَّةِ، فَجَازَ إِبْدَال مَعِيبِهِ مَعَ صِحَّةِ الْعَقْدِ اعْتِبَارًا بِمَا قَبْل التَّفَرُّقِ؛ وَلأَِنَّ قَبْضَ الثَّانِي يَدُل عَلَى الأَْوَّل قَال بِهَذَا الْوَجْهِ وَاَلَّذِي قَبْلَهُ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ (١) .
الْمَذْهَبُ الثَّانِي لأَِبِي حَنِيفَةَ وَزُفَرَ، وَهُوَ مَذْهَبُ الْمَالِكِيَّةِ وَالْقَوْل الثَّانِي عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَاخْتَارَهُ الْمُزَنِيّ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ، وَهُوَ أَنَّهُ إِذَا رَضِيَ بِهِ جَازَ، وَإِنْ لَمْ يَرْضَ بِهِ بَطَل الصَّرْفُ. وَاسْتَدَلُّوا عَلَى ذَلِكَ مِنْ وُجُوهٍ.
الْوَجْهُ الأَْوَّل: أَنَّ الزُّيُوفَ مِنْ جِنْسِ حَقِّ الْمُسْلَمِ إِلَيْهِ لَكِنْ أَصْلاً لاَ وَصْفًا. وَلِهَذَا ثَبَتَ لَهُ حَقُّ الرَّدِّ بِفَوَاتِ حَقِّهِ عَنِ الْوَصْفِ، فَكَانَ حَقُّهُ فِي الأَْصْل وَالْوَصْفِ جَمِيعًا، فَصَارَ بِقَبْضِ الزُّيُوفِ قَابِضًا حَقَّهُ مِنْ حَيْثُ الأَْصْل لاَ مِنْ حَيْثُ الْوَصْفُ إِلاَّ أَنَّهُ إِذَا رَضِيَ بِهِ فَقَدْ أَسْقَطَ حَقَّهُ عَنِ الْوَصْفِ وَتَبَيَّنَ أَنَّ الْمُسْتَحَقَّ هُوَ قَبْضُ الأَْصْل دُونَ الْوَصْفِ لإِِبْرَائِهِ عَنِ الْوَصْفِ، فَإِذَا قَبَضَهُ.
(١) المهذب ٢ / ٢٧٩، المغني لابن قدامة ٤ / / ١٧٠.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://www.shamela.app/page/contribute