وَذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الزَّوْجِ أَنْ يَبِيتَ فِي مَضْجَعِ زَوْجَتِهِ الْحُرَّةِ لَيْلَةً مِنْ كُل أَرْبَعِ لَيَالٍ، لِمَا رَوَى كَعْبُ بْنُ سَوَّارٍ أَنَّهُ كَانَ جَالِسًا عِنْدَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فَجَاءَتِ امْرَأَةٌ فَقَالَتْ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ مَا رَأَيْتُ رَجُلاً قَطُّ أَفْضَل مِنْ زَوْجِي، وَاللَّهِ إِنَّهُ لَيَبِيتُ لَيْلَهُ قَائِمًا وَيَظَل نَهَارَهُ صَائِمًا، فَاسْتَغْفَرَ لَهَا وَأَثْنَى عَلَيْهَا، وَاسْتَحْيَتِ الْمَرْأَةُ وَقَامَتْ رَاجِعَةً، فَقَال: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ هَلاَّ أَعْدَيْتَ الْمَرْأَةَ عَلَى زَوْجِهَا؟ فَقَال: مَا ذَاكَ؟ فَقَال: إِنَّهَا جَاءَتْ تَشْكُوهُ إِذَا كَانَ هَذَا حَالُهُ فِي الْعِبَادَةِ مَتَى يَتَفَرَّغُ لَهَا؟ فَبَعَثَ عُمَرُ إِلَى زَوْجِهَا وَقَال لِكَعْبٍ اقْضِ بَيْنَهُمَا؛ فَإِنَّكَ فَهِمْتَ مِنْ أَمْرِهِمَا مَا لَمْ أَفْهَمْهُ، قَال: فَإِنِّي أَرَى أَنَّهَا امْرَأَةٌ عَلَيْهَا ثَلاَثُ نِسْوَةٍ وَهِيَ رَابِعَتُهُنَّ فَاقْضِ لَهُ بِثَلاَثَةِ أَيَّامٍ وَلَيَالِيهِنَّ يَتَعَبَّدُ فِيهِنَّ وَلَهَا يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ، وَهَذِهِ قَضِيَّةٌ اشْتُهِرَتْ وَلَمْ تُنْكَرْ فَكَانَتْ كَالإِْجْمَاعِ، يُؤَيِّدُهُ قَوْل النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ: إِنَّ لِجَسَدِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَإِنْ لِعَيْنِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَإِنْ لِزَوْجِكَ عَلَيْكَ حَقًّا (١) .
وَقَال الْقَاضِي وَابْنُ عَقِيلٍ: يَلْزَمُهُ مِنَ الْبَيْتُوتَةِ مَا يَزُول مَعَهُ ضَرُّ الْوَحْشَةِ، وَيَحْصُل مِنْهُ الأُْنْسُ الْمَقْصُودُ بِالزَّوْجِيَّةِ بِلاَ تَوْقِيتٍ
(١) حديث: " إن لجسدك عليك حقا. . . ". أخرجه البخاري (فتح الباري ٩ / ٢٩٩) ، ومسلم (٢ / ٨١٨) ، واللفظ للبخاري.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://www.shamela.app/page/contribute