فَتَعَذَّرَ إِيجَابُ عِدَّةِ الْوَفَاةِ فَبَقِيَتْ عِدَّةُ الطَّلاَقِ عَلَى حَالِهَا.
وَأَمَّا لَوْ طَلَّقَ الرَّجُل زَوْجَتَهُ طَلاَقًا بَائِنًا فِي مَرَضِ مَوْتِهِ دُونَ طَلَبٍ مِنْهَا، ثُمَّ تُوُفِّيَ وَهِيَ فِي الْعِدَّةِ فَذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَحْمَدُ وَالثَّوْرِيُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ إِلَى أَنَّهَا تَعْتَدُّ بِأَبْعَدِ الأَْجَلَيْنِ - مِنْ عِدَّةِ الطَّلاَقِ وَعِدَّةِ الْوَفَاةِ - احْتِيَاطًا، لِشُبْهَةِ قِيَامِ الزَّوْجِيَّةِ لأَِنَّهَا تَرِثُهُ، فَلَوْ فَرَضْنَا بِأَنَّهَا حَاضَتْ قَبْل الْمَوْتِ حَيْضَتَيْنِ، وَلَمْ تَحِضِ الثَّالِثَةَ بَعْدَ الْمَوْتِ حَتَّى انْتَهَتْ عِدَّةُ الْوَفَاةِ، فَإِنَّهَا تُكْمِل عِدَّةَ الطَّلاَقِ، بِخِلاَفِ مَا لَوْ حَاضَتِ الثَّالِثَةَ بَعْدَ الْوَفَاةِ وَقَبْل انْتِهَاءِ عِدَّةِ الْوَفَاةِ فَإِنَّهَا تُكْمِل هَذِهِ الْعِدَّةَ.
وَيَقُول الْكَاسَانِيُّ: وَجْهُ قَوْلِهِمْ أَنَّ النِّكَاحَ لَمَّا بَقِيَ فِي حَقِّ الإِْرْثِ خَاصَّةً لِتُهْمَةِ الْفِرَارِ فَلأََنْ يَبْقَى فِي حَقِّ وُجُوبِ الْعِدَّةِ أَوْلَى، لأَِنَّ الْعِدَّةَ يُحْتَاطُ فِي إِيجَابِهَا فَكَانَ قِيَامُ النِّكَاحِ مِنْ وَجْهٍ كَافِيًا لِوُجُوبِ الْعِدَّةِ احْتِيَاطًا فَيَجِبُ عَلَيْهَا الاِعْتِدَادُ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا فِيهَا ثَلاَثُ حِيَضٍ (١) .
وَذَهَبَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَبُو عُبَيْدٍ وَأَبُو ثَوْرٍ وَأَبُو يُوسُفَ وَابْنُ الْمُنْذِرِ إِلَى أَنَّ الْمُعْتَدَّةَ تَبْنِي عَلَى عِدَّةِ الطَّلاَقِ لاِنْقِطَاعِ الزَّوْجِيَّةِ مِنْ كُل وَجْهٍ لأَِنَّهَا بَائِنٌ مِنَ النِّكَاحِ فَلاَ تَكُونُ
(١) البدائع ٣ / ٢٠٠ - ٢٠١، المبسوط ٦ / ٣٩.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://www.shamela.app/page/contribute