وَالآْيِسَةُ إِذَا اعْتَدَّتْ بِبَعْضِ الأَْشْهُرِ، ثُمَّ رَأَتِ الدَّمَ، فَتَتَحَوَّل عِدَّتُهَا إِلَى الأَْقْرَاءِ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَفِيَّةِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ لأَِنَّهَا لَمَّا رَأَتِ الدَّمَ دَل عَلَى أَنَّهَا لَمْ تَكُنْ آيِسَةً وَأَنَّهَا أَخْطَأَتْ فِي الظَّنِّ فَلاَ يُعْتَدُّ بِالأَْشْهُرِ فِي حَقِّهَا لأَِنَّهَا بَدَلٌ فَلاَ يُعْتَبَرُ مَعَ وُجُودِ الأَْصْل، وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ - عَلَى الرِّوَايَةِ الَّتِي وَقَّتُوا لِلإِْيَاسِ فِيهَا وَقْتًا - إِلَى أَنَّهُ إِذَا بَلَغَتْ ذَلِكَ الْوَقْتَ ثُمَّ رَأَتْ بَعْدَهُ الدَّمَ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ الدَّمُ حَيْضًا كَالدَّمِ الَّذِي تَرَاهُ الصَّغِيرَةُ الَّتِي لاَ يَحِيضُ مِثْلُهَا، إِلاَّ إِذَا كَانَ دَمًا خَالِصًا فَحَيْضٌ حَتَّى يَبْطُل بِهِ الاِعْتِدَادُ بِالأَْشْهُرِ.
وَنَقَل الْكَاسَانِيُّ عَنِ الْجَصَّاصِ أَنَّهُ قَال: إِنَّ ذَلِكَ فِي الَّتِي ظَنَّتْ أَنَّهَا آيِسَةٌ، فَأَمَّا الآْيِسَةُ فَمَا تَرَى مِنَ الدَّمِ لاَ يَكُونُ حَيْضًا، أَلاَ تَرَى أَنَّ وُجُودَ الْحَيْضِ مِنْهَا كَانَ مُعْجِزَةَ نَبِيٍّ مِنَ الأَْنْبِيَاءِ عَلَيْهِمْ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ؟ فَلاَ يَجُوزُ أَنْ يُؤْخَذَ إِلاَّ عَلَى وَجْهِ الْمُعْجِزَةِ، كَذَا عَلَّل الْجَصَّاصُ (١) خِلاَفًا لِلْمَالِكِيَّةِ الْقَائِلِينَ بِأَنَّ الآْيِسَةَ إِذَا رَأَتِ الدَّمَ بَعْدَ الْخَمْسِينَ وَقَبْل السَّبْعِينَ، وَالْحَنَابِلَةِ الْقَائِلِينَ بَعْدَ الْخَمْسِينَ وَقَبْل السِّتِّينَ، فَإِنَّهُ يَكُونُ دَمًا مَشْكُوكًا فِيهِ يُرْجَعُ فِيهِ إِلَى النِّسَاءِ لِمَعْرِفَةِ هَل هُوَ حَيْضٌ أَمْ
(١) البدائع ٣ / ٢٠٠، ابن عابدين ٢ / ٦٠٦، روضة الطالبين ٨ / ٣٧٢، مغني المحتاج ٣ / ٣٨٦.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://www.shamela.app/page/contribute