وَإِذَا اسْتَخْلَفَ مَأْمُومًا مَسْبُوقًا لَزِمَهُ مُرَاعَاةُ تَرْتِيبِ الإِْمَامِ، فَيَقْعُدُ مَوْضِعَ قُعُودِهِ، وَيَقُومُ مَوْضِعَ قِيَامِهِ، كَمَا كَانَ يَفْعَل لَوْ لَمْ يَخْرُجِ الإِْمَامُ مِنَ الصَّلاَةِ. فَلَوِ اقْتَدَى الْمَسْبُوقُ فِي ثَانِيَةِ الصُّبْحِ، ثُمَّ أَحْدَثَ الإِْمَامُ فِيهَا فَاسْتَخْلَفَهُ فِيهَا قَنَتَ، وَقَعَدَ وَتَشَهَّدَ، ثُمَّ يَقْنُتُ فِي الثَّانِيَةِ لِنَفْسِهِ، وَلَوْ كَانَ الإِْمَامُ قَدْ سَهَا قَبْل اقْتِدَاءِ الْمُسْتَخْلَفِ أَوْ بَعْدَهُ، سَجَدَ فِي آخِرِ صَلاَةِ الإِْمَامِ، وَأَعَادَ فِي آخِرِ صَلاَةِ نَفْسِهِ، عَلَى أَصَحِّ الْقَوْلَيْنِ.
وَإِذَا أَتَمَّ بِالْقَوْمِ صَلاَةَ الإِْمَامِ قَامَ لِتَدَارُكِ مَا عَلَيْهِ، وَالْمَأْمُومُونَ بِالْخِيَارِ إِنْ شَاءُوا فَارَقُوهُ وَسَلَّمُوا، وَتَصِحُّ صَلاَتُهُمْ بِلاَ خِلاَفٍ لِلضَّرُورَةِ، وَإِنْ شَاءُوا صَبَرُوا جُلُوسًا لِيُسَلِّمُوا مَعَهُ، هَذَا كُلُّهُ إِذَا عَرَفَ الْمَسْبُوقُ نَظْمَ صَلاَةِ الإِْمَامِ وَمَا بَقِيَ مِنْهَا، فَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ فَقَوْلاَنِ حَكَاهُمَا صَاحِبُ التَّلْخِيصِ وَآخَرُونَ، وَقِيل: هُمَا وَجْهَانِ أَقْيَسُهُمَا لاَ يَجُوزُ، وَقَال الشَّيْخُ أَبُو عَلِيٍّ: أَصَحُّهُمَا الْجَوَازُ، وَنَقَلَهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ عَنِ الشَّافِعِيِّ وَلَمْ يَذْكُرْ غَيْرَهُ، فَعَلَى هَذَا يُرَاقِبُ الْمُسْتَخْلَفُ الْمَأْمُومِينَ إِذَا أَتَمَّ الرَّكْعَةَ، فَإِنْ هَمُّوا بِالْقِيَامِ قَامَ وَإِلاَّ قَعَدَ (١) .
٣١ - وَقَال الْحَنَابِلَةُ: يَجُوزُ اسْتِخْلاَفُ الْمَسْبُوقِ بِبَعْضِ الصَّلاَةِ، وَلِمَنْ جَاءَ بَعْدَ حَدَثِ الإِْمَامِ، فَيَبْنِي عَلَى مَا مَضَى مِنْ صَلاَةِ الإِْمَامِ مِنْ قِرَاءَةٍ أَوْ رَكْعَةٍ أَوْ سَجْدَةٍ، وَيَقْضِي بَعْدَ فَرَاغِ صَلاَةِ الْمَأْمُومِينَ، وَحُكِيَ هَذَا الْقَوْل عَنْ عُمَرَ وَعَلِيٍّ وَأَكْثَرَ مَنْ وَافَقَهُمَا فِي الاِسْتِخْلاَفِ. وَفِيهِ رِوَايَةٌ أُخْرَى أَنَّهُ مُخَيَّرٌ بَيْنَ أَنْ يَبْنِيَ أَوْ يَبْتَدِيَ، فَإِذَا فَرَغُوا مِنْ صَلاَتِهِمْ قَعَدُوا
(١) المجموع ٤ / ٢٤٣ - ٢٤٤ ط السلفية.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://www.shamela.app/page/contribute