الزَّوْجَيْنِ وَإِنْ لَمْ يَقْبَلاَ بِهِ، مَا دَامَا لَمْ يَعْزِلاَهُمَا قَبْل الْحُكْمِ، فَإِنْ عَزَلاَهُمَا قَبْل الْحُكْمِ انْعَزِلاَ، مَا لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ بَعْدَ ظُهُورِ رَأْيِهِمَا، فَإِنْ كَانَ بَعْدَ ظُهُورِ رَأْيِهِمَا لَمْ يَنْعَزِلاَ.
(١) كَمَا أَوْجَبَ الْمَالِكِيَّةُ كَوْنَ الْحَكَمَيْنِ مِنْ أَهْل الزَّوْجَيْنِ، وَلَمْ يُجِيزَا تَحْكِيمَ غَيْرِهِمَا، إِلاَّ أَنْ لاَ يُوجَدَ مِنْ أَهْلِهِمَا مَنْ يَصْلُحُ لِلتَّحْكِيمِ، فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ جَازَ تَحْكِيمُ جَارَيْهِمَا، أَوْ غَيْرِهِمَا، وَنُدِبَ أَنْ يَكُونَا جَارَيْنِ لِلْعِلْمِ بِحَالِهِمَا غَالِبًا.
ثُمَّ إِذَا وَكَّل الزَّوْجَانِ الْحَكَمَيْنِ بِالتَّفْرِيقِ مُخَالَعَةً، كَانَ لَهُمَا ذَلِكَ بِحَسَبِ رَأْيِهِمَا مَا لَمْ يُقَيِّدَاهُمَا بِشَيْءٍ، فَإِنْ قَيَّدَاهُمَا تَقَيَّدَا بِهِ لَدَى الْجَمِيعِ.
فَإِذَا لَمْ يُوَكِّلاَهُمَا بِالتَّفْرِيقِ وَالْمُخَالَعَةِ، كَانَ لَهُمَا التَّفْرِيقُ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ دُونَ الْجُمْهُورِ كَمَا تَقَدَّمَ، وَهُنَا يَمْلِكُ الْحَكَمَانِ التَّفْرِيقَ بِطَلاَقٍ أَوْ مُخَالَعَةٍ بِحَسَبِ رَأْيِهِمَا، فَإِنْ رَأَيَا أَنَّ الضَّرَرَ كُلَّهُ مِنَ الزَّوْجِ طَلَّقَا عَلَيْهِ، وَإِنْ رَأَيَا أَنَّهُ كُلُّهُ مِنَ الزَّوْجَةِ فَرَّقَا بَيْنَهُمَا بِمُخَالَعَةٍ عَلَى أَنْ تَرُدَّ لَهُ كُل الْمَهْرِ، وَرُبَّمَا أَكْثَرَ مِنْهُ أَيْضًا، وَإِنْ كَانَ الضَّرَرُ بَعْضُهُ مِنَ الزَّوْجَةِ وَبَعْضُهُ مِنَ الزَّوْجِ، فَرَّقَا بَيْنَهُمَا مُخَالَعَةً عَلَى جُزْءٍ مِنَ الْمَهْرِ يُنَاسِبُ مِقْدَارَ الضَّرَرِ مِنْ كُلٍّ.
(١) الدسوقي على الشرح الكبير ٢ / ٣٤٣ - ٣٤٧، والقليوبي وعميرة ٣ / ٣٠٦.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://www.shamela.app/page/contribute