وَمِنْ حَقِّ الْبَارِي - جَل ثَنَاؤُهُ - عَلَى مَنْ أَبْدَعَهُ أَنْ يَكُونَ أَمْرُهُ عَلَيْهِ نَافِذًا، وَطَاعَتُهُ لَهُ لاَزِمَةً.
قَال الطَّبَرِيُّ فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى {اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ} (١) : يَعْنِي وَمَا أُمِرَ هَؤُلاَءِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى - الَّذِينَ اتَّخَذُوا الأَْحْبَارَ وَالرُّهْبَانَ وَالْمَسِيحَ أَرْبَابًا - إِلاَّ أَنْ يَعْبُدُوا مَعْبُودًا وَاحِدًا، وَأَنْ لاَ يُطِيعُوا إِلاَّ رَبًّا وَاحِدًا، دُونَ أَرْبَابٍ شَتَّى، وَهُوَ اللَّهُ الَّذِي لَهُ عِبَادَةُ كُل شَيْءٍ وَطَاعَةُ كُل خَلْقٍ، الْمُسْتَحِقُّ عَلَى جَمِيعِ خَلْقِهِ الدَّيْنُونَةَ لَهُ بِالْوَحْدَانِيَّةِ وَالرُّبُوبِيَّةِ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ: وَلاَ تَنْبَغِي الأُْلُوهِيَّةُ إِلاَّ لِوَاحِدٍ، وَهُوَ الَّذِي أَمَرَ الْخَلْقَ بِعِبَادَتِهِ وَلَزِمَتْ جَمِيعَ الْعِبَادِ طَاعَتُهُ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ.
وَقَدْ بَيَّنَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَيْفِيَّةَ اتِّخَاذِ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى الأَْحْبَارَ وَالرُّهْبَانَ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ، وَذَلِكَ فِيمَا رُوِيَ عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ فِي سُورَةِ بَرَاءَةٍ {اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ} قَال: أَمَا إِنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا يَعْبُدُونَهُمْ، وَلَكِنْ كَانُوا إِذَا أَحَلُّوا لَهُمْ شَيْئًا اسْتَحَلُّوهُ،
(١) سورة التوبة / ٣١.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://www.shamela.app/page/contribute