وَقَدْ صَرَّحَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ بِأَنَّ الْمُصَلِّيَ يَأْتِي بِالتَّأْمِينِ بَعْدَ سَكْتَةٍ لَطِيفَةٍ لِيَتَمَيَّزَ عَنَ الْقِرَاءَةِ، فَيَعْلَمُ أَنَّهَا لَيْسَتْ مِنَ الْقُرْآنِ، وَإِنَّمَا هِيَ طَابَعُ الدُّعَاءِ.
وَقَالُوا: لاَ يَفُوتُ التَّأْمِينُ إِلاَّ بِالشُّرُوعِ فِي غَيْرِهِ، فَإِنْ تَرَكَ الْمُصَلِّي التَّأْمِينَ حَتَّى شَرَعَ فِي قِرَاءَةِ السُّورَةِ لَمْ يَعُدْ إِلَيْهِ؛ لأَِنَّهُ سُنَّةٌ فَاتَ مَحَلُّهَا، وَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ قَوْلٌ بِفَوَاتِهِ بِالرُّكُوعِ.
ثُمَّ إِنَّ التَّأْمِينَ سُنَّةٌ لِلْمُصَلِّي - عُمُومًا - سَوَاءٌ كَانَ إِمَامًا أَوْ مَأْمُومًا أَوْ مُنْفَرِدًا، وَاسْتَثْنَى الْمَالِكِيَّةُ مِنْ ذَلِكَ الإِْمَامَ فِي الصَّلاَةِ الْجَهْرِيَّةِ؛ فَإِنَّهُ لاَ يُنْدَبُ لَهُ التَّأْمِينُ، وَكَذَا الْمَأْمُومُ إِنْ لَمْ يَسْمَعْ إِمَامَهُ يَقُول: {وَلاَ الضَّالِّينَ} وَإِنْ سَمِعَ مَا قَبْلَهُ، وَنَصُّوا عَلَى كَرَاهَتِهِ حِينَئِذٍ وَلاَ يَتَحَرَّى عَلَى الأَْظْهَرِ؛ لأَِنَّهُ لَوْ تَحَرَّى لِرُبَّمَا أَوْقَعَهُ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهِ، وَلَرُبَّمَا صَادَفَ آيَةَ عَذَابٍ، وَمُقَابِلُهُ يَتَحَرَّى، وَهُوَ قَوْل ابْنِ عَبْدُوسٍ.
وَالسُّنَّةُ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ أَنْ يَأْتِيَ الْمُصَلِّي بِالتَّأْمِينِ سِرًّا سَوَاءٌ كَانَ إِمَامًا أَمْ مَأْمُومًا أَمْ مُنْفَرِدًا؛ فَالإِْتْيَانُ بِالتَّأْمِينِ سُنَّةٌ، وَالإِْسْرَارُ بِهَا سُنَّةٌ أُخْرَى، قَال الْحَنَفِيَّةُ: وَعَلَى هَذَا فَتَحْصُل سُنِّيَّةُ الإِْتْيَانِ بِهَا وَلَوْ مَعَ الْجَهْرِ بِهَا.
قَال الْمَالِكِيَّةُ: لأَِنَّهُ دُعَاءٌ، وَالأَْصْل فِيهِ الإِْخْفَاءُ.
وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّ الإِْمَامَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://www.shamela.app/page/contribute