للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الأَْخْذِ مِنْ شَارِبِهِ: وَلِلشَّافِعِيِّ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ قَوْلاَنِ:

قَال النَّوَوِيُّ: يَحْصُل مِنْ كَلاَمِ الشَّافِعِيَّةِ فِي الأَْخْذِ مِنْ شَارِبِ الْمَيِّتِ ثَلاَثَةُ أَقْوَالٍ الْمُخْتَارُ: أَنَّهُ يُكْرَهُ، وَالثَّانِي: لاَ يُكْرَهُ وَلاَ يُسْتَحَبُّ، وَالثَّالِثُ: يُسْتَحَبُّ، وَهُوَ قَوْل الْحَنَابِلَةِ إِذَا كَانَ الشَّارِبُ طَوِيلاً؛ لِقَوْل النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: اصْنَعُوا بِمَوْتَاكُمْ مَا تَصْنَعُونَ بِعَرَائِسِكُمْ (١) . وَلأَِنَّ تَرْكَهُ يُقَبِّحُ مَنْظَرَهُ، وَلأَِنَّهُ فِعْلٌ مَسْنُونٌ فِي الْحَيَاةِ لاَ مَضَرَّةَ فِيهِ فَشُرِعَ بَعْدَ الْمَوْتِ كَالْغُسْل، وَمِمَّنِ اسْتَحَبَّهُ: سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ، وَابْنُ جُبَيْرٍ، وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ، وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ. وَمِمَّنْ كَرِهَهُ: أَبُو حَنِيفَةَ، وَمَالِكٌ، وَالثَّوْرِيُّ، وَالْمُزَنِيُّ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَنَقَلَهُ الْعَبْدَرِيُّ عَنْ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ.

وَصَرَّحَ الْمَحَامِلِيُّ وَغَيْرُهُ مِنَ الْقَائِلِينَ بِأَنَّهُ لاَ يُكْرَهُ الأَْخْذُ مِنْ شَارِبِ الْمَيِّتِ بِأَنَّ الأَْخْذَ مِنْهُ يَكُونُ قَبْل الْغُسْل.

وَقَال النَّوَوِيُّ: وَلَمْ يَتَعَرَّضِ الْجُمْهُورُ - يَعْنِي جُمْهُورَ الأَْصْحَابِ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ - لِدَفْنِ


(١) حديث: " اصنعوا بموتاكم ما تصنعون بعرائسكم. . . ". أورده ابن قدامة في المغني (٢ / ٥٤١ - ط الرياض) ولم يعزه إلى أي مصدر.