عَلَى مَا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ عَنْ مَحْمُودِ بْنِ الرَّبِيعِ قَال: عَقَلْتُ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَجَّةً مَجَّهَا فِي وَجْهِي مِنْ دَلْوٍ مِنْ بِئْرٍ كَانَتْ فِي دَارِنَا وَأَنَا ابْنُ خَمْسِ سِنِينَ. وَلَعَلَّهُمْ رَأَوْا هَذَا التَّحْدِيدَ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ أَدْنَى مَا يَحْصُل فِيهِ ضَبْطُ مَا يَسْمَعُ وَإِلاَّ فَمَرَدُّ ذَلِكَ لِلْعَادَةِ وَحْدَهَا؛ إِذِ الأَْمْرُ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلاَفِ اسْتِعْدَادِ الأَْشْخَاصِ لِلأَْخْذِ وَالتَّلَقِّي كَمَا يَخْتَلِفُ بِاخْتِلاَفِ طُرُقِ التَّحَمُّل، وَهِيَ أَنْوَاعٌ كَثِيرَةٌ ضَبَطَهَا أَهْل الرِّوَايَةِ فِي ثَمَانِيَةِ أَقْسَامٍ، أَوَّلُهَا: سَمَاعُ الْحَدِيثِ مِنْ لَفْظِ الشَّيْخِ وَهُوَ أَرْفَعُ الأَْقْسَامِ عِنْدَ جُمْهُورِ أَهْل الْعِلْمِ، وَأَدْنَاهَا الْوِجَادَةُ.
أَمَّا السِّنُّ الَّذِي يُسْتَحَبُّ فِيهِ أَنْ يَبْتَدِئَ الطَّالِبُ لِسَمَاعِ الْحَدِيثِ فَقِيل ثَلاَثُونَ سَنَةً وَقِيل عِشْرُونَ، وَعَلَيْهِ قَبْل الشُّرُوعِ فِي سَمَاعِ الْحَدِيثِ أَنْ يَتَخَلَّقَ بِأَخْلاَقِ أَهْلِهِ وَأَنْ يَلْتَزِمَ بِزِيِّهِمْ وَيَتَأَدَّبَ بِأَدَبِهِمْ وَأَنْ يَلْزَمَ الْوَقَارَ وَالسَّكِينَةَ وَالْمُوَاظَبَةَ فِي طَلَبِهِ وَإِخْلاَصَ النِّيَّةِ فِيهِ وَالتَّوَاضُعَ لِمَنْ يَأْخُذُ عَنْهُ وَالصَّبْرَ عَلَى مَا يَلْقَاهُ فِي سَبِيلِهِ وَنَحْوَ هَذَا مِمَّا يُسَاعِدُ عَلَى الاِسْتِفَادَةِ وَالإِْفَادَةِ وَيُيَسِّرُ التَّحَمُّل وَالتَّحْمِيل (١) .
(١) الإلماع ٤٥ - ٦٣ وما بعدها، جامع الأصول ٩ / ١٥، ٣٨ وما بعدها، وفتح الباري ١ / ١٧٢ البرهان ١ / ٦٤٤، والإلماع ص ٦٤، فتح الباري ١ / ١٧٣، وتدريب الراوي ٢ / ١٤٠ - ١٥٨.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://www.shamela.app/page/contribute