وَابْنِ الْقَيِّمِ، وَهُوَ أَنَّ السَّلَمَ عَقْدٌ مَشْرُوعٌ عَلَى وَفْقِ الْقِيَاسِ، وَلَيْسَ فِيهِ مُخَالَفَةٌ لِلْقَوَاعِدِ الشَّرْعِيَّةِ.
قَال ابْنُ تَيْمِيَّةَ: وَأَمَّا قَوْلُهُمْ: " السَّلَمُ عَلَى خِلاَفِ الْقِيَاسِ " فَقَوْلُهُمْ هَذَا مِنْ جِنْسِ مَا رَوَوْا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَال: لاَ تَبِعْ مَا لَيْسَ عِنْدَكَ (١) وَأَرْخَصَ فِي السَّلَمِ.
وَهَذَا لَمْ يُرْوَ فِي الْحَدِيثِ، وَإِنَّمَا هُوَ مِنْ كَلاَمِ بَعْضِ الْفُقَهَاءِ، وَذَلِكَ أَنَّهُمْ قَالُوا: السَّلَمُ بَيْعُ الإِْنْسَانِ مَا لَيْسَ عِنْدَهُ، فَيَكُونُ مُخَالِفًا لِلْقِيَاسِ.
وَنَهْيُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَكِيمَ بْنَ حِزَامٍ عَنْ بَيْعِ مَا لَيْسَ عِنْدَهُ: إِمَّا أَنْ يُرَادَ بِهِ بَيْعُ عَيْنٍ مُعَيَّنَةٍ، فَيَكُونُ قَدْ بَاعَ مَال الْغَيْرِ قَبْل أَنْ يَشْتَرِيَهُ. وَفِيهِ نَظَرٌ. وَإِمَّا أَنْ يُرَادَ بِهِ بَيْعُ مَا لاَ يَقْدِرُ عَلَى تَسْلِيمِهِ وَإِنْ كَانَ فِي الذِّمَّةِ.
وَهَذَا أَشْبَهُ. فَيَكُونُ قَدْ ضَمِنَ لَهُ شَيْئًا لاَ يَدْرِي هَل يَحْصُل أَوْ لاَ يَحْصُل. وَهَذَا فِي السَّلَمِ الْحَال إِذَا لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ مَا يُوَفِّيهِ.
وَالْمُنَاسَبَةُ فِيهِ ظَاهِرَةٌ.
فَأَمَّا السَّلَمُ الْمُؤَجَّل، فَإِنَّهُ دَيْنٌ مِنَ
(١) حديث: " لا تبع ما ليس عندك ". أخرجه الترمذي (تحفة الأحوذي ٤ / ٤٣٠ - ط السلفية) من حديث حكيم بن حزام، وحسنه الترمذي.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://www.shamela.app/page/contribute