فَقَال الْجُمْهُورُ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ قَدَّمَهَا الْمُتَأَخِّرُونَ مِنْ أَصْحَابِهِ: إِنَّ الأَْمْرَ مُعْتَبَرٌ بِالْكِفَايَةِ، فَمَنْ وَجَدَ مِنَ الأَْثْمَانِ أَوْ غَيْرِهَا مَا يَكْفِيهِ وَيَكْفِي مَنْ يُمَوِّنُهُ فَهُوَ غَنِيٌّ لاَ تَحِل لَهُ الزَّكَاةُ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ ذَلِكَ حَلَّتْ لَهُ وَلَوْ كَانَ مَا عِنْدَهُ يَبْلُغُ نُصُبًا زَكَوِيَّةً، وَعَلَى هَذَا، فَلاَ يَمْتَنِعُ أَنْ يُوجَدَ مَنْ تَجِبُ عَلَيْهِ الزَّكَاةُ وَهُوَ مُسْتَحِقٌّ لِلزَّكَاةِ.
وَقَال الْحَنَفِيَّةُ: هُوَ الْغِنَى الْمُوجِبُ لِلزَّكَاةِ، فَمَنْ تَجِبُ عَلَيْهِ الزَّكَاةُ لاَ يَحِل لَهُ أَنْ يَأْخُذَ الزَّكَاةَ، لِقَوْل النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ اللَّهَ قَدْ فَرَضَ عَلَيْهِمْ صَدَقَةً تُؤْخَذُ مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ فَتُرَدُّ عَلَى فُقَرَائِهِمْ (١) .
وَمَنْ مَلَكَ نِصَابًا مِنْ أَيِّ مَالٍ زَكَوِيٍّ كَانَ فَهُوَ غَنِيٌّ، فَلاَ يَجُوزُ أَنْ تُدْفَعَ إِلَيْهِ الزَّكَاةُ وَلَوْ كَانَ مَا عِنْدَهُ لاَ يَكْفِيهِ لِعَامِهِ، وَمَنْ لَمْ يَمْلِكْ نِصَابًا كَامِلاً فَهُوَ فَقِيرٌ أَوْ مِسْكِينٌ، فَيَجُوزُ أَنْ تُدْفَعَ إِلَيْهِ الزَّكَاةُ، كَمَا تَقَدَّمَ.
وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ عَلَيْهَا ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ: إِنْ وَجَدَ كِفَايَتَهُ، فَهُوَ غَنِيٌّ، وَإِنْ لَمْ يَجِدْ وَكَانَ لَدَيْهِ خَمْسُونَ دِرْهَمًا، أَوْ قِيمَتُهَا مِنَ الذَّهَبِ خَاصَّةً، فَهُوَ غَنِيٌّ كَذَلِكَ وَلَوْ كَانَتْ لاَ تَكْفِيهِ،
(١) حديث: " إن الله قد فرض عليهم صدقة تؤخذ من. . . " أخرجه البخاري (الفتح ٣ / ٣٥٧ - ط السلفية) من حديث ابن عباس.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://www.shamela.app/page/contribute