الثَّوْرِيِّ إِلَى أَنَّ إِخْرَاجَ الْقِيمَةِ جَائِزٌ، وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ. لَكِنْ قَال الْمَالِكِيَّةُ: يَجُوزُ، وَيُجْزِئُ مَعَ الْكَرَاهَةِ؛ لأَِنَّهُ مِنْ قَبِيل شِرَاءِ الإِْنْسَانِ الصَّدَقَةَ الَّتِي أَخْرَجَهَا لِلَّهِ تَعَالَى.
وَاحْتَجَّ الْقَائِلُونَ بِإِجْزَاءِ الْقِيمَةِ، بِمَا رُوِيَ أَنَّ مُعَاذًا قَال لأَِهْل الْيَمَنِ: ائْتُونِي بِعَرْضِ ثِيَابٍ آخُذُهُ مِنْكُمْ مَكَانَ الذُّرَةِ وَالشَّعِيرِ، فَإِنَّهُ أَهْوَنُ عَلَيْكُمْ، وَخَيْرٌ لِلْمُهَاجِرِينَ بِالْمَدِينَةِ. وَقَال عَطَاءٌ: " كَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَأْخُذُ الْعُرُوضَ فِي الصَّدَقَةِ مِنَ الدَّرَاهِمِ أَيْ عَنْهَا؛ وَلأَِنَّ الْغَرَضَ مِنْهَا سَدُّ خَلَّةِ الْمُحْتَاجِ، وَذَلِكَ مَعْنًى مَعْقُولٌ؛ وَلأَِنَّ حَاجَاتِهِ مُخْتَلِفَةٌ، وَبِالْقِيمَةِ يُحَصِّل مَا شَاءَ مِنْ حَاجَاتِهِ. وَقِيَاسًا عَلَى الْجِزْيَةِ فَإِنَّ الْقِيمَةَ مُجْزِئَةٌ فِيهَا اتِّفَاقًا، وَالْغَرَضُ مِنْهَا كِفَايَةُ الْمُقَاتِلَةِ، وَمِنَ الزَّكَاةِ كِفَايَةُ الْفَقِيرِ.
وَاحْتَجُّوا أَيْضًا بِمَا فِي حَدِيثِ أَنَسٍ الْمَرْفُوعِ مَنْ بَلَغَتْ عِنْدَهُ مِنَ الإِْبِل صَدَقَةُ الْجَذَعَةِ وَلَيْسَتْ عِنْدَهُ جَذَعَةٌ وَعِنْدَهُ حِقَّةٌ فَإِنَّهَا تُؤْخَذُ مِنْهُ الْحِقَّةُ، وَيَجْعَل مَعَهَا شَاتَيْنِ إِنِ اسْتَيْسَرَتَا لَهُ، أَوْ عِشْرِينَ دِرْهَمًا
(١) .
قَال ابْنُ الْهُمَامِ: فَانْتَقَل إِلَى الْقِيمَةِ فِي
(١) حديث: " من بلغت عنده من الإبل صدقة الجذعة وليست. . . " أخرجه البخاري (الفتح ٣ / ٣١٦ - ط السلفية) .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://www.shamela.app/page/contribute