غَيْرِهَا؛ لأَِنَّهَا أَقْوَاتُ الْعَالَمِ، فَمِنْ رِعَايَةِ مَصَالِحِ الْعِبَادِ أَنْ مُنِعُوا مِنْ بَيْعِ بَعْضِهَا بِبَعْضٍ إِلَى أَجَلٍ، سَوَاءٌ اتَّحَدَ الْجِنْسُ أَوِ اخْتَلَفَ، وَمُنِعُوا مِنْ بَيْعِ بَعْضِهَا بِبَعْضٍ حَالًّا مُتَفَاضِلاً وَإِنِ اخْتَلَفَتْ صِفَاتُهَا، وَجُوِّزَ لَهُمُ التَّفَاضُل مَعَ اخْتِلاَفِ أَجْنَاسِهَا.
فَقَدْ قَال ابْنُ الْقَيِّمِ: وَسِرُّ ذَلِكَ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ - أَنَّهُ لَوْ جَوَّزَ بَيْعَ بَعْضِهَا بِبَعْضٍ نَسَاءً لَمْ يَفْعَل ذَلِكَ أَحَدٌ إِلاَّ إِذَا رَبِحَ، وَحِينَئِذٍ تَسْمَحُ نَفْسُهُ بِبَيْعِهَا حَالَّةً لِطَمَعِهِ فِي الرِّبْحِ، فَيَعِزُّ الطَّعَامُ عَلَى الْمُحْتَاجِ وَيَشْتَدُّ ضَرَرُهُ،. . فَكَانَ مِنْ رَحْمَةِ الشَّارِعِ بِهِمْ وَحِكْمَتِهِ أَنْ مَنَعَهُمْ مِنْ رِبَا النَّسَاءِ فِيهَا كَمَا مَنَعَهُمْ مِنْ رِبَا النَّسَاءِ فِي الأَْثْمَانِ؛ إِذْ لَوْ جَوَّزَ لَهُمُ النَّسَاءَ فِيهَا لَدَخَلَهَا " إِمَّا أَنْ تَقْضِيَ وَإِمَّا أَنْ تُرْبِيَ " فَيَصِيرُ الصَّاعُ الْوَاحِدُ لَوْ أُخِذَ قُفْزَانًا كَثِيرَةً، فَفُطِمُوا عَنِ النَّسَاءِ، ثُمَّ فُطِمُوا عَنْ بَيْعِهَا مُتَفَاضِلاً يَدًا بِيَدٍ، إِذْ تَجُرُّهُمْ حَلاَوَةُ الرِّبْحِ وَظَفَرُ الْكَسْبِ إِلَى التِّجَارَةِ فِيهَا نَسَاءً وَهُوَ عَيْنُ الْمَفْسَدَةِ، وَهَذَا بِخِلاَفِ الْجِنْسَيْنِ الْمُتَبَايِنَيْنِ فَإِنَّ حَقَائِقَهُمَا وَصِفَاتِهِمَا وَمَقَاصِدَهُمَا مُخْتَلِفَةٌ، فَفِي إِلْزَامِهِمُ الْمُسَاوَاةَ فِي بَيْعِهَا إِضْرَارٌ بِهِمْ، وَلاَ يَفْعَلُونَهُ، وَفِي تَجْوِيزِ النَّسَاءِ بَيْنَهَا ذَرِيعَةٌ إِلَى " إِمَّا أَنْ تَقْضِيَ وَإِمَّا أَنْ تُرْبِيَ " فَكَانَ مِنْ تَمَامِ رِعَايَةِ مَصَالِحِهِمْ أَنْ قَصَرَهُمْ عَلَى بَيْعِهَا يَدًا بِيَدٍ كَيْفَ شَاءُوا، فَحَصَلَتْ لَهُمُ الْمُبَادَلَةُ، وَانْدَفَعَتْ عَنْهُمْ مَفْسَدَةُ " إِمَّا أَنْ تَقْضِيَ وَإِمَّا أَنْ تُرْبِيَ " وَهَذَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://www.shamela.app/page/contribute