الشَّرِيطَةِ؛ لأَِنَّهَا مَبْنِيَّةٌ عَلَى قَاعِدَةٍ لاَ خِلاَفَ فِيهَا وَهِيَ تَغْلِيبُ الْمُحَرِّمِ عَلَى الْمُبِيحِ عِنْدَ اجْتِمَاعِهِمَا، بَل إِنَّ الْحَنَابِلَةَ زَادُوا عَلَى ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ حَدَثَ بَعْدَ الذَّبْحِ وَقَبْل الْمَوْتِ مَا يُعِينُ عَلَى الْهَلاَكِ حُرِّمَتِ الذَّبِيحَةُ، فَفِي " الْمُقْنِعِ وَحَاشِيَتِهِ " مِنْ كُتُبِ الْحَنَابِلَةِ مَا خُلاَصَتُهُ أَنَّهُ إِذَا ذَبَحَ الْحَيَوَانَ ثُمَّ غَرِقَ أَوْ وَطِئَ عَلَيْهِ شَيْءٌ يَقْتُلُهُ مِثْلُهُ فَفِيهِ رِوَايَتَانِ عَنْ أَحْمَدَ:
(إِحْدَاهُمَا) : لاَ يَحِل، وَهُوَ الْمَذْهَبُ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَدِيثِ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ فِي الصَّيْدِ: إِنْ وَقَعَ فِي الْمَاءِ فَلاَ تَأْكُل. (١) وَلِقَوْل ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مَنْ رَمَى طَائِرًا فَوَقَعَ فِي مَاءٍ فَغَرِقَ فِيهِ فَلاَ يَأْكُلُهُ. وَلأَِنَّ الْغَرَقَ سَبَبٌ يَقْتُل فَإِذَا اجْتَمَعَ مَا يُبِيحُ وَمَا يُحَرِّمُ غُلِّبَ التَّحْرِيمُ.
(وَالثَّانِيَةُ) : أَنَّهُ يَحِل، وَبِهِ قَال أَكْثَرُ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنَ الْحَنَابِلَةِ؛ لأَِنَّهَا إِذَا ذُبِحَتْ صَارَتْ مُذَكَّاةً حَلاَلاً، فَلاَ يَضُرُّهَا مَا يَحْدُثُ لَهَا بَعْدَ التَّذْكِيَةِ وَقَبْل تَمَامِ خُرُوجِ الرُّوحِ.
وَهَل الذَّبْحُ بِآلَةٍ مَسْمُومَةٍ يُعْتَبَرُ مِنْ قَبِيل اقْتِرَانِ مُحَرِّمٍ وَمُبِيحٍ فَتَحْرُمُ الذَّبِيحَةُ، أَوْ لاَ يُعْتَبَرُ؛ لأَِنَّ سَرَيَانَ السُّمِّ إِنَّمَا يَكُونُ بَعْدَ تَمَامِ الذَّبْحِ؟ . صَرَّحَ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ بِالثَّانِي.
وَفَصَّل الْحَنَابِلَةُ فَقَالُوا: إِذَا غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ
(١) حديث: " إن وقع في الماء فلا تأكل " أخرجه البخاري الفتح ٩ / ٦١٠ - ط السلفية.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://www.shamela.app/page/contribute