مُعَيَّنَةٍ. كَمَا إِذَا اسْتَأْجَرَ شَخْصٌ دَابَّةً مَوْصُوفَةً لِتَحْمِلَهُ مِنْ مَكَانٍ إِلَى مَكَانٍ، فَإِنَّ الْمَنْفَعَةَ الْمُسْتَحَقَّةَ بِالْعَقْدِ تَثْبُتُ دَيْنًا فِي ذِمَّةِ الْمُؤَجِّرِ أَوِ الْمُكَارِي، وَعَلَيْهِ أَنْ يَحْمِلَهُ مِنْ مَكَانِهِ إِلَى الْمَكَانِ الْمَطْلُوبِ عَلَى أَيَّةِ دَابَّةٍ يُحْضِرُهَا إِلَيْهِ. وَلِهَذَا لاَ يَنْفَسِخُ الْعَقْدُ إِذَا هَلَكَتِ الدَّابَّةُ الَّتِي عَيَّنَهَا الْمُؤَجِّرُ أَوِ اسْتُحِقَّتْ، بَل يَرْجِعُ الْمُسْتَأْجِرُ عَلَيْهِ فَيُطَالِبُهُ بِغَيْرِهَا؛ لأَِنَّ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ غَيْرُ مُعَيَّنٍ، بَل مُتَعَلِّقٌ فِي الذِّمَّةِ، وَعَلَى الْمُؤَجِّرِ الْوَفَاءُ بِتِلْكَ الْمَنْفَعَةِ بِأَيَّةِ دَابَّةٍ أُخْرَى يُحْضِرُهَا لَهُ.
وَقَدِ اعْتَبَرَ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ " إِجَارَةَ الذِّمَّةِ " سَلَمًا فِي الْمَنَافِعِ، وَلِهَذَا اشْتَرَطُوا فِي صِحَّتِهَا تَعْجِيل الأُْجْرَةِ كَمَا هُوَ الشَّأْنُ فِي السَّلَمِ، سَوَاءٌ عُقِدَتْ بِلَفْظِ الإِْجَارَةِ أَوِ السَّلَمِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ.
وَوَافَقَهُمْ عَلَى ذَلِكَ الشَّرْطِ الْحَنَابِلَةُ إِذَا عُقِدَتْ بِلَفْظِ السَّلَمِ، أَمَّا إِذَا عُقِدَتْ بِغَيْرِهِ، فَلَمْ يَشْتَرِطُوا تَعْجِيل الأُْجْرَةِ (١) .
أَمَّا الْحَنَفِيَّةُ، فَقَدْ ذَهَبُوا إِلَى أَنَّ الْمَنَافِعَ لاَ
(١) فتح العزيز ١٢ / ٢٠٥، المهذب ١ / ٤٠٦، مغني المحتاج ٢ / ٣٣٤، روضة الطالبين ٥ / ١٧٦، نهاية المحتاج ٤ / ٢٠٨، ٣٠١، ٥ / ٢٦٢، حاشية الشبراملسي على نهاية المحتاج ٤ / ٤١٨، شرح منتهى الإرادات ٢ / ٣٦٠، كشاف القناع ٣ / ٥٥٦، الفروق للقرافي ٢ / ١٣٣، ميارة على تحفة ابن عاصم ٢ / ٩٨، القوانين الفقهية ص ٣٠٢، شرح الخرشي ٧ / ٣، الأشباه والنظائر للسيوطي ص ٢٨١، شرح الأبي على صحيح مسلم ٤ / ٢٤٥.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://www.shamela.app/page/contribute