للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الإِْمْسَاكُ مَعَ الأَْرْشِ لَكِنَّهُ عَلَى سَبِيل الْخُلْفِ عَنِ الرَّدِّ وَلاَ يَثْبُتُ أَصَالَةً.

وَهَذَا الاِتِّجَاهُ هُوَ مَذْهَبُ الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ. قَال الشِّيرَازِيُّ لأَِنَّهُ لَمْ يَرْضَ إِلاَّ بِمَبِيعٍ سَلِيمٍ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ فَلَمْ يُجْبَرْ عَلَى إِمْسَاكِ مَعِيبٍ بِبَعْضِ الثَّمَنِ. وَقَال الْكَاسَانِيُّ: لَوْ قَال الْمُشْتَرِي: أَنَا أُمْسِكُ الْمَعِيبَ وَآخُذُ النُّقْصَانَ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ، لأَِنَّ قَوْلَهُ: أُمْسِكُ الْمَعِيبَ دَلاَلَةُ الرِّضَا بِالْعَيْبِ وَأَنَّهُ يَمْنَعُ الرُّجُوعَ بِالنُّقْصَانِ. وَقَال بَعْدَئِذٍ: لأَِنَّ حَقَّ الرُّجُوعِ بِالنُّقْصَانِ كَالْخُلْفِ عَنِ الرَّدِّ، وَالْقُدْرَةُ عَلَى الأَْصْل تَمْنَعُ الْمَصِيرَ إِلَى الْخُلْفِ (١) .

٢ - التَّخْيِيرُ بَيْنَ أَمْرَيْنِ اثْنَيْنِ أَيْضًا، لَكِنَّهُمَا هُنَا: الرَّدُّ - كَمَا سَبَقَ - أَوِ الإِْمْسَاكُ مَعَ الأَْرْشِ وَلَوْ لَمْ يَتَعَذَّرِ الرَّدُّ وَسَوَاءٌ رَضِيَ الْبَائِعُ بِدَفْعِ الأَْرْشِ أَوْ سَخِطَ بِهِ. فَفِي هَذَا الاِتِّجَاهِ الْفِقْهِيِّ لاَ مَكَانَ لِلإِْمْسَاكِ بِدُونِ أَرْشٍ بَل هُوَ مِنْ لَوَازِمِهِ.

وَهُوَ مَذْهَبُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ - وَإِسْحَاقَ بْنِ رَاهْوَيْهِ -

وَاسْتَثْنَى الْحَنَابِلَةُ مَا إِذَا كَانَ الإِْمْسَاكُ مَعَ الأَْرْشِ يُؤَدِّي إِلَى الرِّبَا، فَحِينَئِذٍ يَكُونُ التَّخْيِيرُ بَيْنَ الرَّدِّ أَوِ الإِْمْسَاكِ مَجَّانًا، وَمِثَالُهُ: شِرَاءُ حُلِيٍّ


(١) المبسوط ١٣ / ١٠٣، البدائع ٥ / ٢٨٨ و ٢٨٩، فتح القدير ٥ / ١٥٢، البحر الرائق ٦ / ٣٩، الفتاوى الهندية ٣ / ٦٦، نهاية المحتاج ٤ / ٢٤، المهذب للشيرازي وتكملة المجموع ١٢ / ١٦٥.