اخْتِلاَفٍ فِي السَّبَبِ فَقَطْ، بَل مَعَ التَّدَاعِي وَالتَّجَانُسِ بَيْنَ أَسْبَابِ كُلٍّ مِنْهُمَا وَمُنَافَرَتِهَا مَا لِلآْخَرِ.
أَمَّا مِنْ حَيْثُ الطَّبِيعَةُ وَالأَْحْكَامُ فَإِنَّ الْعَقْدَ الْمَوْقُوفَ تَكُونُ آثَارُهُ مُعَلَّقَةً بِسَبَبِ الْمَانِعِ الشَّرْعِيِّ مِنْ نَفَاذِهَا، وَهَذَا بِالرَّغْمِ مِنِ انْعِقَادِهِ وَصِحَّتِهِ لأَِنَّ ذَلِكَ الْمَانِعَ مَنَعَ تَمَامَ الْعِلَّةِ.
أَمَّا الْخِيَارُ فَإِنَّ حُكْمَ الْعَقْدِ قَدْ نَفَذَ وَتَرَتَّبَتْ آثَارُهُ وَلَكِنِ امْتَنَعَ ثُبُوتُهَا بِسَبَبِ الْخِيَارِ، فَأَحْيَانًا يَمْتَنِعُ ابْتِدَاءُ الْحُكْمِ بَعْدَ انْعِقَادِ الْعِلَّةِ، وَذَلِكَ فِي خِيَارِ الشَّرْطِ، وَأَحْيَانًا يَمْتَنِعُ تَمَامُ الْحُكْمِ بَعْدَ ثُبُوتِهِ، كَخِيَارِ الرُّؤْيَةِ، وَأَحْيَانًا يَمْتَنِعُ لُزُومُ الْعَقْدِ بَعْدَ أَنْ سَرَتْ آثَارُهُ، كَخِيَارِ الْعَيْبِ (١) .
وَفِي الاِنْقِضَاءِ نَجِدُ أَنَّ الْمَوْقُوفَ لَمَّا كَانَ غَيْرَ تَامِّ الْعِلَّةِ لَمْ تَتِمَّ الصَّفْقَةُ، فَيَكْفِي فِي نَقْضِهِ مَحْضُ إِرَادَةِ مَنْ لَهُ النَّقْضُ، وَهُوَ لِهَذَا الضَّعْفِ فِيهِ لاَ يَرِدُ فِيهِ إِسْقَاطُ الْخِيَارِ، وَلاَ يَنْتَقِل بِالْمِيرَاثِ، بَل يَبْطُل الْعَقْدُ بِمَوْتِ مَنْ لَهُ حَقُّ إِجَازَتِهِ، فِي حِينِ يَجُوزُ إِسْقَاطُ الْخِيَارِ - فِي الْجُمْلَةِ - وَيَنْتَقِل بِالْمِيرَاثِ وَخَاصَّةً مَا كَانَ مِنْهُ مُتَّصِلاً بِالْعَيْنِ عَلَى اخْتِلاَفٍ فِي الْمَذَاهِبِ، وَيَنْقَضِي الْخِيَارُ بِإِرَادَةِ مَنْ هُوَ لَهُ دُونَ حَاجَةٍ إِلَى التَّرَاضِي أَوِ التَّقَاضِي إِلاَّ حَيْثُ تَتِمُّ الصَّفْقَةُ بِحُصُول الْقَبْضِ فِي خِيَارِ الْعَيْبِ.
(١) فتح القدير ٥ / ١١٠.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://www.shamela.app/page/contribute