التَّمَلُّكِ، وَلَهُ آثَارٌ أَقْوَى، لأَِنَّ صَاحِبَ حَقِّ التَّمَلُّكِ إِذَا تَحَقَّقَ لَهُ سَبَبٌ مِنْ أَسْبَابِ الْمِلْكِ كَالإِْيجَابِ فِي الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ، تَرَقَّى حَقُّهُ إِلَى حَقٍّ ثَابِتٍ، وَلَكِنَّهُ مُجَرَّدٌ عَنِ الْمِلْكِ. وَيُمْكِنُ لِصَاحِبِ الْحَقِّ الثَّابِتِ - بِإِرَادَتِهِ وَحْدَهُ - أَنْ يَتَرَقَّى بِهَذَا الْحَقِّ الثَّابِتِ إِلَى حَقِّ الْمِلْكِ، لأَِنَّهُ أَصْبَحَ بِالْخِيَارِ بَيْنَ قَبُول الإِْيجَابِ فِي مَجْلِسِ الْعَقْدِ فَيُصْبِحُ مَالِكًا، أَوْ رَفْضِ الإِْيجَابِ، وَهَذَا الأَْمْرُ لاَ يَتَوَفَّرُ لِصَاحِبِ حَقِّ التَّمَلُّكِ، وَهُوَ أَهَمُّ فَرْقٍ بَيْنَ هَذَيْنِ الْحَقَّيْنِ. وَهَذَا فِي التَّمَلُّكِ الاِخْتِيَارِيِّ بِإِرَادَةِ الْمَالِكِ وَإِيجَابِهِ، فَالْحَقُّ الْوَسَطُ هُوَ الْحَقُّ الثَّابِتُ فَقَطْ، وَيُسَمَّى الْحَقَّ الْوَاجِبَ.
أَمَّا فِي التَّمَلُّكِ الْجَبْرِيِّ بِغَيْرِ إِرَادَةِ الْمَالِكِ، مِثْل: الْغَنِيمَةِ وَالشُّفْعَةِ. قَال ابْنُ عَابِدِينَ فِي شَأْنِ الْغَنِيمَةِ: (وَالْحَاصِل كَمَا فِي الْفَتْحِ عَنِ الْمَبْسُوطِ: أَنَّ الْحَقَّ يَثْبُتُ عِنْدَنَا بِنَفْسِ الأَْخْذِ، وَيَتَأَكَّدُ بِالإِْحْرَازِ، وَيُمْلَكُ بِالْقِسْمَةِ، وَمَا دَامَ الْحَقُّ ضَعِيفًا لاَ تَجُوزُ الْقِسْمَةُ. قُلْتُ: وَهَذَا كُلُّهُ إِذَا لَمْ يَظْهَرْ عَسْكَرُنَا عَلَى الْبَلَدِ، فَلَوْ ظَهَرُوا عَلَيْهَا، وَصَارَتْ بَلَدَ إِسْلاَمٍ، وَصَارَتِ الْغَنِيمَةُ مُحْرَزَةً بِدَارِنَا، وَيَتَأَكَّدُ الْحَقُّ، فَتَصِحُّ الْقِسْمَةُ) . (١)
وَيَسْتَوِي الْحَقُّ الْمُبَاحُ (أَيْ: حَقُّ التَّمَلُّكِ) وَالْحَقُّ الثَّابِتُ فِيمَا يَلِي:
(١) حاشية رد المحتار لابن عابدين ٤ / ١٤١.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://www.shamela.app/page/contribute