للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أَمَّا فِي الْحَرْبِ فَإِِنَّهُ يَجُوزُ لُبْسُ الْحَرِيرِ لِلرِّجَال عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ مُطْلَقًا. وَعِنْدَ الْحَنَابِلَةِ بِقَيْدٍ، وَهُوَ مَا إِذَا كَانَتْ بِاللاَّبِسِ حَاجَةٌ إِلَيْهِ. فَإِِذَا لَمْ تَكُنْ بِاللاَّبِسِ حَاجَةٌ إِلَيْهِ فَعَلَى وَجْهَيْنِ عِنْدَهُمْ.

أَحَدُهُمَا: الإِِْبَاحَةُ لأَِنَّ الْمَنْعَ مِنْ لُبْسِهِ لِلْخُيَلاَءِ، وَالْخُيَلاَءُ وَقْتَ الْحَرْبِ غَيْرُ مَذْمُومَةٍ.

وَالْوَجْهُ الآْخَرُ: الْحُرْمَةُ وَظَاهِرُ كَلاَمِ أَحْمَدَ إِبَاحَتُهُ مُطْلَقًا.

وَأَضَافَ ابْنُ حَبِيبٍ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ حَال الْحَكَّةِ. وَهَذَا مُوَافِقٌ لِرِوَايَةٍ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ لِمَا رَوَى أَنَسٌ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: رَخَّصَ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ وَالزُّبَيْرِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فِي لُبْسِ الْحَرِيرِ لِحَكَّةٍ كَانَتْ بِهِمَا (١) .

وَالرِّوَايَةُ الأُْخْرَى عِنْدَهُمْ أَنَّهُ لاَ يُبَاحُ لِلْمَرَضِ لاِحْتِمَال أَنْ تَكُونَ الرُّخْصَةُ خَاصَّةً بِهَذَيْنِ الصَّحَابِيِّينَ.

وَتَوَسَّعَ الشَّافِعِيَّةُ فِي حَال الْعُذْرِ الْمُبِيحِ مَعَ التَّقْيِيدِ فَقَالُوا: كَحَرٍّ وَبَرْدٍ مُضِرَّيْنِ إِذَا لَمْ يَجِدْ غَيْرَهُ، وَحَاجَةٍ كَجَرَبٍ إِنْ آذَى الْمَرِيضَ غَيْرُهُ.


(١) حديث: " رخص لعبد الرحمن بن عوف والزبير في لبس الحرير لحكة كانت بهما " أخرجه البخاري (الفتح ١٠ / ٢٩٥ - ط السلفية) . ومسلم (٣ / ١٦٤٦ - ط الحلبي) .